اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 310
على أن الله تعالى واحد [1]، وأربع طبائع مختلفات في الخافقين أضداد غير أشكال مؤتلفات على صلاح الأحوال دليل على أن الله واحد [2]. قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164]. وروي عن الشافعي أنه قال: استقبلني سبعة عشر زنديقاً في طريق غزة فقالوا: ما الدليل على الصانع؟ فقلت لهم: إن ذكرت دليلاً شافياً هل تؤمنون؟ قالوا: نعم، قلت ورق الفرصاد (3)
طعمها ولونها وريحها سواء فيأكلها دود القز فيخرج من جوفها الإبريسم ويأكلها النحل فيخرج من جوفها العسل, وتأكلها الشاة فيخرج من جوفها البعر فالطبع واحد وإن كان موجباً عندك فيجب أن يوجب شيئاً واحداً لأن الحقيقية الواحدة لا توجب إلا شيئاً واحداً ولا توجب متضادات متنافرة, ومن جوز هذا كان عن المنقول خارجاً وفي التيه والجاً، فانظر كيف تغيرت الحالات عليها فعرفت أنه فعل صانع عالم قادر يحول عليها الأحوال ويغير التيارات, قال: فبهتوا ثم قالوا: لقد أتيت بالعجب فآمنوا وحسن إيمانهم. وقال الشافعي لقد أتيت قلعة حصينة ملساء ولا فرجة فيها ظاهرها كالفضة وباطنها كالذهب وجدرانها حصينة محكمة ثم رأيت الجدار ينشق فيخرج من القلعة حيوان سميع بصير مصوت، فعلمت ضرورة أن الطبيعة لا تقدر على ذلك وأنه فعل صانع حكيم، فالقلعة هي البيضة والحيوان هو الدجاجة [4]. وكان -رحمه الله- كثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات:
فياعجباً كيف يعصى الإله ... أم كيف يجحده الجاحد
ولله في كل تحريكة ... وتسكينة أبداً شاهد
وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد (5) [1] وتفسيره أن في البدن نيرانا أربعًا إحداها: نار الشهوة وثانيتها حرارة الغضب، وثالثتها الحرارة القائمة بأعضاء الغذاء ورابعتها الحرارة الغريزية المتولدة في قلبه وهي الحرارة المؤثرة التي يتم بها أمر الحياة، فهذه الأنواع الأربعة من الحرارة نيران مختلفة بالماهية ثم إنها اجتمعت في بدن الإنسان تبقى كل واحدة منها على صفتها المخصوصة وطبيعتها المخصوصة وهي كامنة في بدن الإنسان لا تظهر إلا عند الحاجة إليها ثم إنها مع اختلافها وتبيانها متوافقة على تحصيل مصلحة الإنسان وموجبة لاستقامة سلامة ذلك الجسد. [2] وتفسيره أن أبدان الحيوانات على قول الأطباء متولدة من الأرض والماء والهواء والنار ثم إنها أضداد متغايرة متنافرة متعاندة بطبائعها فاجتماعها في البدن الواحد لا بد أن يكون بقدرة قادر وتدبير مدبر قدير.
(3) الفرصاد: التوت. انظر: لسان العرب (3/ 333) .. [4] مفيد العلوم للقزويني، ص 25، 26.
(5) مفيد العلوم للقزويني، ص 25، 26.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 310