اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 306
ثالثاً: عقيدته في الإيمان ومنهجه في إثباتها:
1 - حقيقة الإيمان ودخول الأعمال في مسماه: اتفق أهل السنة والجماعة على أن الإيمان اعتقاد بالجنان ونطق باللسان وعمل بالأركان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي كما استفاض ذلك في كتبهم [1]، ومن تتبع ما روى لنا عن الإمام الشافعي رحمه الله وما حكاه لنا الأئمة في كتبهم من أقواله نجد مذهبه مطابقاً لمذهب السلف - رحمهم الله - تمام المطابقة فهو يقول إن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص [2]، قال الحافظ اللالكائي: قال الشافعي في كتاب الأم في باب النية في الصلاة: نحتج بأنه لا يجزئ صلاة إلا بنية لحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات». ثم قال: وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم: أن الإيمان: قول وعمل ونية ولا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر [3]. وروى أبو نعيم في كتابة «الحلية» بسنده عن الربيع بن سليمان قال: سأل رجل من أهل بلخ الشافعي عن الإيمان فقال للرجل: فما تقول أنت فيه؟ قال: أقول: إن الإيمان قول. قال ومن أين قلت؟ قال: من قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 277]. فصارت الواو فصلاً بين الإيمان والعمل فالإيمان قول والأعمال شرائعه.
فقال الشافعي: وعندك الواو فصل؟ قال: نعم, قال: فإذا كنت تعبد إلهين إلها في المشرق وإلها في المغرب لأن الله تعالى يقول: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] فغضب الرجل وقال: سبحان الله أجعلتني وثنياً؟! فقال الشافعي: بل أنت جعلت نفسك كذلك قال: كيف؟ قال بزعمك أن الواو فصل, فقال الرجل: فإني أستغفر الله مما قلت بل لا أعبد إلا رباً واحداً ولا أقول بعد اليوم إن الواو فصل بل أقول إن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص، قال الربيع: فأنفق على باب الشافعي مالاً عظيماً وجمع كتب الشافعي وخرج من مصر سُنياً [4].
2 - زيادة الإيمان ونقصانه: قال الربيع: سمعت الشافعي يقول: الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ثم تلا هذه الآية: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31] [5] وممن نقل القول عن الإمام الشافعي -رحمه الله - بالزيادة والنقصان ابن أبي حاتم، والحافظ اللالكائي، والنووي، وابن تيمية والذهبي وابن القيم وابن حجر -رحمهم الله كلهم- نقل عن الإمام الشافعي القول بزيادة الإيمان ونقصانه، بل نقل بعضهم أن الشافعي حكى الإجماع على ذلك من السلف، كابن تيمية وابن رجب [6]. [1] منهج الإمام الشافعي في إثبات العقيدة، ص 155. [2] فتح الباري (1/ 47). [3] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (5/ 886). [4] منهج الإمام الشافعي في إثبات العقيدة، ص 164. [5] الحلية (9/ 115). [6] منهج الإمام الشافعي في إثبات العقيدة، ص 173.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 306