اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 290
تقاليد تشبه أرقى الجامعات الحديثة، فقد كان «النظام» يختبر معلوماتهم خلال المناظرات التي كان يعقدها في المناسبات المختلفة، ويلقى عليهم أسئلة كان قد فكّر وأعدّها، فإذا لمس في أحدهم علماً وذكاء وجهه إلى المسلك الذي يريده، فالذين يكونون أهلاً للتعليم عيّنهم أساتذة في الحال وأسّس لهم مدرسة ومكتبة أو يوفدهم إلى ولاية سكانها جهلاء [1]، وإذا صدر الأمر بالتعيين سار المدرس إلى الجهة التي اختير لها، فإذا كان إلى بغداد مثلاً توجه إلى دار الخلافة عند وصوله حيث يوافق على التعيين، ثم يخلع عليه طرحة زرقاء وأهبة سوداء [2]، ويحتفل به في المدرسة حين يقدم لأول مرة ويحضر درسه كبار رجال الدولة والأساتذة والشعراء, وحين ينتهي من درسه تلقى الخطب والقصائد في الترحيب به والثناء عليه [3]. وإذا ما أريد فصل مدرس لسبب ما استدعى من قبل ممثل «نظام الملك» وغالباً ما كان أحد أولاده، وينزع منه كسوته [4].
2 - مراتب التدريس: وقد جرى العرف أنه إذا تم تعيين من تتوافر فيه شرائط القدم والشهرة أن يبقى في منصبه طوال حياته, فإذا دنت منه الوفاة فغالباً ما يوصي بمن يخلفه من كبار أبنائه أو المتفوقين من طلابه، إلا في مدارس «النظام» فقد خرجت على هذا المتعارف لأسباب سياسية بعد أن خضعت هذه المدارس لحكم وإرادة مؤسسها، وقد يتناوب مدرسان على كرسي واحد خلافاً للمألوف.
أ- المدرس: كان هذا اللفظ لا يطلق إلا على المختص بتدريس الفقه, وإلقاء الدروس التي لا يقصد بها في العادة سوى مواضيع الفقه فإذا بلغ المدرس مرحلة عالية من الشهرة في الاطلاع والتأليف صار أستاذاً وأصبح له كرسي المادة دون منازع فيه.
ب- النائب: وهو المكلف بالقيام بتدريس الموضوع نيابة عن المدرس إذا كان مشغولاً بعمل إداري أو قضائي أو لمرض أو سدّ الشاغر في فترة لا يوجد فيها مدرس [5].
جـ- المعيد: يختار المدرس من بين طلبته معيدين لدروسه وقد يكتفي بواحد حسب حاجته، ومهمته أن يلقي الدرس على الطلبة وأن يساعدهم في فهمه, لذلك فهو يحتاج إلى لباقة واطلاع, لذا كان من هؤلاء المعيدين مدرسون في مكان آخر [6].
3 - مرتبة الصدر: وصاحب هذه المرتبة له الصدارة المطلقة في المدرسة، ويشغلها من [1] تاريخ آل سلجوق، ص 45, نظام الملك، ص 356. [2] الأهبة: البزة الرسمية، كما في تاريخ المماليك, أو السلاح التام. [3] نظام الملك، ص 357. [4] نظام الملك، ص 357. [5] نظام الملك، ص 357. [6] المصدر نفسه، ص 358.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 290