اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 170
بعض الخلفاء شرعوا في العمل لإعادة هيبة الخلافة وسلطتها، ففكروا في تشكيل جيش الدولة الخاص بها، لتتمكن من خوض صراعها ضد المتغلبين عليها، وبما أن الجيش يشكل خطراً على سيطرة المتغلبين، فقد سعى السلاجقة إلى حرمان الخلافة من هذه القوة، لذا امتازت الفترة من 447هـ - 512هـ والتي حكم فيها ثلاثة من الخلفاء هم (القائم بأمر الله، والمقتدى لأمر الله، والمستظهر بالله) بالخضوع التام لسلاطين السلاجقة ونوابهم في بغداد حتى تقلد المسترشد بالله الخلافة سنة 512هـ [1]، فكان أول خليفة في هذه الفترة يتنبه لضرورة تكوين جيش خاص بالخلافة مستغلاً ضعف السلاجقة ونزاعهم على السلطنة بعد وفاة السلطان ملكشاه [2]، فبعد أن انفرد السلطان محمد بن ملكشاه بالحكم 498هـ - 511هـ نشب النزاع بين ورثته بعد وفاته، على الرغم من أن الخلافة سمحت بالخطبة لسلطانين في آن واحد [3]، غير أن الخليفة المسترشد حاول أن يستفيد من الصراع القائم بين العائلة السلجوقية على السلطنة، فاستعان في بداية الأمر بجيش السلطنة في بغداد وقوات بني عقيل ودعا إلى الجهاد لملاقاة دبيس بن صدقة المزيدي صاحب الحلة وتمكن من القضاء على نفوذه [4]، ثم استغنى عن الوزير السلجوقي وطلب نقل الشحنة من بغداد ([5])،
كما استطاع الوقوف بوجه السلطان طغرل ودبيس بن صدقة وانتصر عليهما وفي هذه الأثناء كان المسترشد قد أمر وزيره بإعادة ديوان الجند، وتسجيل العرب والأكراد والأتراك في الديوان وابتدأ في شراء المماليك الأتراك وأمر بتدريبهم على فنون القتال [6] وعقد محالفات مع أمراء الأطراف العربية والكردية، وتقرب من العامة وأمر بإعلان النفير العام للتجنيد [7]، حتى بلغ جيشه سنة 525هـ ثلاثين ألف مقاتل من أهل بغداد والسواد [8]، وتبين من كتاب السلطان سنجر الذي أرسله إلى السلطان محمود مدى خشية السلاجقة من هذا الجيش حين كتب إليه يقول: إن الخليفة قد عزم على أن يمكر بي وبك، فإذا اتفقتما علىَّ فرغ مني وعاد إليك، ... ويجب بعد هذا أن تمضي إلى بغداد ومعك العساكر فتقبض على وزير الخليفة وتقتل الأكراد الذين دونهم وتأخذ النزل الذي قد عمله وجميع آلة السفر وتقول: أنا سيفك [1] المنتظم (9/ 197). [2] الحياة السياسية في العراق في العصر العباسي الأخير، ص 41. [3] السلطان محمود والسلطان سنجر، المنتظم (9/ 216). [4] المنتظم (9/ 217، 218). [5] الجيش وتأثيراته في سياسة الدولة الإسلامية، ص 248. [6] المنتظم (9/ 254، 255). [7] المصدر نفسه (10/ 607). [8] الجيش وتأثيراته في سياسة الدولة الإسلامية، ص 249.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 170