اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 145
وجوده يعتمد عليهم في المقام الأول. ولما أن أخذ سلطان الموحدين يتسع في البلاد الأندلسية، وأن أغلب أماراته وولاياته دخلت في حوزتهم، وأن معظم أمراء الأندلس سلموا ما بأيديهم للموحدين سواء عن طواعية أو كره منهم، رأى ابن مردنيش أن الحلقة أخذت تضيق عليه وأن مال إماراته التي جهد من إقامتها، هو الوقوع في أيدي الموحدين، خاصة وبعد أن فقد الكثير من حلفائه ولذلك أخذ الحقد يملأ نفسه وأخذت نفسيته تشذ في تصرفاتها، بل وبدا الشك يختمر عنده تجاه عماله وكبار رجالات دولته الذين يعتمد عليهم، ونتيجة لهذه الأحقاد والشكوك والتبلبل الفكري، أخذ يتصرف تصرفات طائشة تكاد لا تصدر إلا عن رجل مجنون. ومنها أنه قتل وزيريه ابني الجذع بالجوع، إذ بنى لهما بناء ورماهما فيه ومنع عنهما الأكل حتى ماتا.
كما أنه قتل أخته وطفلها إغراقاً في البحر، وارتكب الكثير جدا من أمثال هذه الأعمال، ولذلك امتلأت منه النفوس رعبا وخاصة أقرب الناس إليه، وتوالت النكبات على ابن مردنيش، ولم يخلصه من مأساته إلا موته المفاجئ عام 567 هـ وهو لم يتجاوز من العمر الثامنة والأربعين. وبموته قدم آل محمد بن سعد بن مردنيش طاعتهم للموحدين، وبذلك آل حكم شرق الأندلس كله إلى الموحدين وبذلك شملت سيادتهم كل الأندلس الإسلامية [1].
آثار حركة ابن مردنيش على دولة الموحدين:
فقد تأثرت دولة الموحدين بحركة التمرد الواسعة في شرق الأندلس وهزت هيبتهم وسلطانهم وقوتهم في نفوس النصارى الأسبان اولا ثم امراء الأندلس [1] انظر: سقوط الموحدين ص 90،91.
اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 145