اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 623
القدس) معنا، أو بعض أهلك، حتى نجتمع عنده وإلا فالأكراد لا يدينون للأتراك والأتراك لا يدينون للأكراد [1] والواقع أن صلاح الدين صار في وضع لا يحسد عليه وقد أحس ابن شداد بهذا العجز بوضوح حين طلب منه أن يفوض أمره إلى الله، وأن يعترف بعجزه أمامه فيما تصدى له، لعل الله يستجيب لدعائه وقد رآه المؤرخ وهو يصلي، ودموعه تتقاطر في مصلاه حين يسجد ومر يوم الجمعة الثقيل، ثم جاء رجال استخباراته ليعلنوا أن الصليبيين قرروا إيقاف زحفهم تجاه القدس [2]. يقول ابن الأثير إن ريتشارد طلب من الصليبيين القدامى "الفرنج الشاميين" أن يصوروا له وضع مدينة القدس، والاستحكامات التي أقامها صلاح الدين حولها، فصوروا له كل ما طلب وحين دقق في وضع المدينة قال: هذه مدينة لا يمكن حصارها ما دام صلاح الدين حياً وكلمة المسلمين مجتمعة [3]. وهذا الموقف جعل الصليبيين ينقسمون بين من يطالب بالهجوم على القدس وبين من ينادي بالتوقف، وكان ريتشارد مع الفريق الثاني. في حين كان الفرنسيون مع الرأي الأول حين قالوا: نحن إنما جئنا من بلادنا بسبب القدس، ولا نرجع دونها.
ورد عليهم ريتشارد: إن هذا الموضع قد افسدت مياهه، ولم يبق حوله ماء أصلاً، فمن أين نشرب؟ فقالوا: نشرب من ماء نقوع [4]. الواقعة بالقرب من القدس بمقدار فرسخ ونكتفي بالشرب في اليوم مرة واحدة [5] وقد لجأ الصليبيون إلى مبدأ الانتخاب، وأخذ الأصوات، لتحكيم رأي الأغلبية، فكان القرار هو إيقاف الهجوم فرحلوا نحو الرملة [6]، وسر بذلك السلطان كثيراً [7].
الثاني عشر: معركة يافا: تعُد معركة يافا وما نتج عنها، آخر صدام مسلح بارز وقع بين المسلمين وصليبي الحملة الثالثة، وكان ريتشارد قلب الأسد قد اتخذ من هذه المدينة قاعدة لجيشه إثر انتصاره على صلاح الدين في أرسوف، نظراً لقربها من بيت المقدس [8] وفي الوقت الذي كانت المفاوضات دائرة [1] النوادر السلطانية ص 217 الجيش الأيوبي ص 485. [2] الجيش الأيوبي ص 486. [3] الكامل في التاريخ نقلاً عن الجيش الأيوبي ص 486. [4] نقوع: قرية من قرى بيت المقدس. [5] النوادر ص 217 - 218 الجيش الأيوبي ص 486. [6] شفاء القلوب ص 175 الجيش الأيوبي ص 487. [7] الجيش الأيوبي ص 487. [8] تاريخ الأيوبيين في مصر وبلاد الشام والجزيرة ص 199.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 623