اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 307
على أن يخلعني الحِمَام، فقد توقعت أمر الله أن يطرقني بياتاً وأنا نائم، أو ضحى وأنا هائم [1]، كما كتب إليه في إحدى رسائله يصف حالته الجسمانية قائلاً: وأصدرت هذه الخدمة ورجلاي قد عام النقرس إلى تقييدهما وتصفيرهما بالألطخة وتسويدهما، جنبي طريح، وما فيّ صحيح إلا سقمي فإنه صحيح وإذا خلوت إلى شيطان المرض أصيح [2]. وكتب إليه رسالة أخرى قائلاً: وأما أحوالي في جسمي فلا تسأل عن تداعي البنية، المفاصل مذهبة، والأسنان مضمدة والنقرس يغلي، وزيادة كالنقص زيادة العصا في ظليّ [3]. ووصف أوجاعه في آخر حياته للعماد أيضاً بقوله: وأخلاق الغلمان وما أدراك ما هيه نار حامية، وقد صرت أرى الصبر على الضرورة أولى من الابتلاء بهم في الخدمة، فأجوع ولا أقول أطعموني، وأظمأ ولا أقول اسقوني، وألقيت بيدي وقلت مرّوا، ومددت رجلي وقلت جرّوا [4].
10 - وفاته: توفي القاضي الفاضل بعد كل هذه الآلام الجسمية والمعنوية في السادس من ربيع الأول 596هـ/1199م. قال العماد الأصفهاني في حوادث هذه السنة ناعياً إيّاه: تمت الرزية الكبرى والبليّة العُظمى وفجيعة أهل الفضل بالدين والدنيا، وذلك بانتقال القاضي الفاضل من دار الفناء إلى دار البقاء في داره بالقاهرة [5] وذكر في وفاته أنه عمل ليلة العشاء السابقة لوفاته في مدرسته، وجلس مع الفقيه ابن سلامة مدّرسها وتحّدث مع ما شاء وشوهد من كل ليلة أبش وأبسم وأهش، وقد طابت المحاضرة وطالت المسامرة وانفصل إلى منزله صحيح البدن فصيح اللسان، وقال لغلامه: رتّب حوائج الحمّام وغّرفتي حين أفضى مني المنام، فوافاه سحراً للإعلام، فما أكترث بصوت الغلام، ولم يدر أن كَلِم الِحمام حَمى من الكلام، وأن وثوقه بطهارته من الكوثر أغنَاه من الحمّام، فبادر إليه والده فألفاه وهو ساكت باهت، فعرف أن القدر له باغت فلبث يومه لا يُسمع له إلا أنينٌ خفيّ علم منه أنه بعهد الله وفي، ثم قضى سعيداً (6)
وعلق عماد الدين الأصفهاني على وفاته بقوله: ومضى شهيداً حميداً، [1] المصدر نفسه ص 347. [2] المصدر نفسه ص 347. [3] المصدر نفسه ص 347. [4] القاضي الفاضل ص 347. [5] كتاب الروضتين نقلاً عن القاضي الفاضل ص 347.
(6) المصدر نفسه ص 347 ..
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 307