اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 303
7 - القاضي الفاضل والجهاد: صحب القاضي الفاضل صلاح الدين في جميع غزواته ببلاد الشام، ثم أقام بمصر ليشرف على الإدارة المالية ويعمل على تجهيز الجيش والأسطول، وبعدئذ عاد إلى بلاد الشام بجوار صلاح الدين وظل بالقرب منه حتى مرضه الأخير ووفاته مع القاضي ابن شداد سنة 589هـ/1193م [1] وهناك مواقف حاسمة للقاضي الفاضل تؤكد مكانته وعلو منزلته في الدولة الصلاحية، فعندما كان السلطان صلاح الدين مقيماً على مرج الصفر في بلاد الشام عام 571هـ/1176م طلب الصليبيون الهدنة منه فأجابهم إلى ذلك مضطراً "لأن الشام كان مجدباً" ثم أرسل جيشه في صحبة القاضي الفاضل إلى الديار المصرية، حتى يستريح أفراد الجيش بها من ناحية ولخوفه من حدوث أي اضطرابات في مصر أثناء غيابه عنها من ناحية أخرى، ولذلك كان إرساله للجيش بصحبة القاضي الفاضل: غاية الحزم والتدبير، ليحفظ ما استجد من الممالك خوفاً عليه ممن هنالك ([2])،
وإلى جانب ذلك كان القاضي الفاضل دائماً يلازم السلطان صلاح الدين في جهاده، ولعل ما يؤكد ذلك تلك الرسالة التي بعث بها إلى السلطان صلاح الدين يعتذر فيها عن عدم مشاركته في الجهاد ضد الصليبيين على حارم سنة 573هـ/1177م، لرغبته في أداء فريضة الحج فيقول ابن واصل: وتخلف القاضي الفاضل بمصر بنية الحج في السنة القابلة، ووصل منه كتاب إلى السلطان يذكر فيه: وأما تأسف المولى على أوقات تنقضي عاطلة من الفريضة التي خرج من بيته لأجلها، وتجدد العوائق التي لا يوصل إلى آخرها حبلها، فللمولى نية رشده، أو ليس الله بعالم بعبده، وهو سبحانه لا يسأل الفاعل عن تمام فعله، لأنه غير مقدور له، ولكن عن النية لأنها محل تكليف الطاعة وعن مقدور صاحبها من الفعل بحسب الاستطاعة، وإذا كان المولى آخذاً في أسباب الجهاد، وتنظيف الطرق إلى المراد، وهو في طاعة قد منَ الله عليه بطول أمدها، وهو منه على أمل في نجح موعدها، والثواب على قدر مشقته، وإنما عظم الحج لأجل جهده وبعد شقته، ولو أن المولى فتح الفتوح العظام في أول الأيام، وفصل القضية بين أهل الشرك وأهل الإسلام، لكانت تكاليف الجهاد قد قضيت وصحائف البر المكتسبة بالمرابطة والانتظار قد طويت [3].
8 - القاضي الفاضل والأديب: برز القاضي الفاضل في عصره كأديب، ونُسبت إليه مدرسة نثرية عُرفت بمدرسة القاضي [1] وفيات الأعيان (7/ 202،203). [2] الكامل في التاريخ (10/ 79) .. [3] مفرج الكروب (2/ 68) القاضي الفاضل ص 349.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 303