responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 302
في مصر من خلال مصادره الوافرة، وهكذا تضافر الرجلان على تحقيق غاية كبرى أحسّا بها، كل في ميدانه، على تحقيقها [1]. لقد كان القاضي الفاضل سياسياً ورجل دولة عظيماً، جمع بين واقعه السياسي ومرونته ودهائه وبين هدف كبير نذر نفسه له وصبر مع الأيام لتحقيقه، واستنشق رياح التاريخ حين هبّت واعتقد أن طريق الإسلام هو طريق أهل السنُّة، وكل طريق غيره لا يوصل إلا إلى الخلاف وتبديد الإيمان والقوى، وما غابت أرض فلسطين عن باله، وعندما لاحت فرصة استعادتها، وأيقن بصدق صلاح الدين في الجهاد من أجلها، اشتدّت عزيمته وشدّت رحاله، ولئن أوصله اختياره إلى سدّة عالية، فأصبح في دولة صلاح الدين وزير الدولة والرجل الثاني فيها، فإنه حقق بذلك كل ما يطمح رجل السياسة إليه من نجاح أهدافه وقضيته، بمساهمته في التخطيط والعمل، كما حقَّق نجاحه هو وعلوَّ أمره، وتلك مطابقة تشهد له بالمواهب العريضة والدهاء الفائق [2].
كان القاضي الفاضل المتحدث الرسمي بلسان السلطان صلاح الدين في الداخل والخارج، وكان على حد قول ابن كثير: أعز عليه من أهله وولده [3]، وكان السلطان يشيد بفضله فيقول: لا تظنوا أني ملكت البلاد بسيوفكم بل بقلم الفاضل [4]، وقد بلغ القاضي الفاضل مكانة سامية في الدولة، فكان الساعد الأيمن لصلاح الدين، إذ جعله: وزيره، ومشيره بحيث كان لا يصدر أمراً إلا عن مشورته، ولاينفذ شيئاً إلا عن رأيه، ولا يحكم في قضيته إلا بتدبيره [5]. إن هذا العالم الرباني يعلمنا دورساً مهمة منها، عدم الانعزال عن الشأن العام والعمل الاجتماعي والحكومي والحرص على كسب الخبرات وأهمية التميز في أداء العمل والتمسك بمنهج أهل السنة والتعاون مع إخوانه في العقيدة الصحيحة وتوظيف القدرات والأمكانات لخدمة المشروع السني وقّدم لصلاح الدين النماذج السنية القيادية والخطط العملية ولم يبخل عليه برأي ولا مشورة ولا تجربة، كما أن حياة هذا الرجل مدرسة في فهم مقاصد الشريعة وفقه المصالح والمفاسد، وبناء الدول وزوالها كما نتعلم منه وهو الرجل المفكر والمفتي، الكبير في دولة صلاح الدين، أهمية معاملة عامة الشيعة بقوانين العدل ومحبة الخير لهم وعدم سفك دمائهم والحرص على تعليمهم وإنما يكون استخدام القوة ضد المؤامرات والتكتلات العسكرية ومع من لا يجدي معهم إلا استخدام القوة.

[1] المصدر نفسه ص 157.
[2] القاضي الفاضل ص 159.
[3] البداية والنهاية نقلاً عن دور الفقهاء والعلماء ص 132.
[4] النجوم الزاهرة (6/ 157).
[5] الخطط (2/ 366) دور الفقهاء والعلماء ص 132.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 302
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست