responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 298
للسنّة، ولكن الوضع تغير مع ظهور صلاح الدين على المسرح السياسي. فمع أن نور الدين وأسد الدين كان قد استفاد من بعض أهل السنة قبل وزارة صلاح الدين للحصول على مؤازرة شعبية لحركتهما داخل مصر، فإن هذه العناصر وحدها لم تكن كافية، وكان هناك حاجة إلى ثورة ثقافية في مصر يتم من خلالها إعادة مصر إلى المذهب السني بالتدريج، وقد بدأ صلاح الدين إصلاحاته في مصر، وحتى قبل القضاء النهائي على الفاطميين بتأسيس عدد من المدارس على المذاهب الأربعة بني أولها للمذهب الشافعي على أنقاض حبس المعونة، السجن الذي ضم الكثير من قادة مصر سنة 566هـ/1170 - 1171م ولعلها أصبحت أول مدرسة من نوعها في مصر، كما أنشأ سنة 566هـ/1170م مدرسة للمالكية في جوار جامع عمرو بن العاص عُرفت بالقمحية، وأسس تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، ابن أخي صلاح الدين، مدرسة للشافعية أوقف عليها عدة أماكن [1].
كانت هذه المدارس بداية حركة بنائية سنية ساهم فيها كثيرون من الأيوبيين وأمرائهم خلال حكم صلاح الدين في مصر فيما بعد، كما ساهم فيها القاضي الفاضل بمدرسة من أغنى هذه المدارس، إذ رصد فيها قسماً كبيراً من خزانة كتب الفاطميين وإن تكن فكرة إنشاء المدارس السنية مستوردة من الشام على غرار ما فعله نور الدين فيها من إنشاء مدارس شبيهة بمناهجها وموضوعات تدريسها في المدرسة النظامية ببغداد، فإن تمويل هذه المدارس واختيار المدرسين فيها كان ضمن مسؤوليات القاضي الفاضل، فمن ضمن إصلاحاته الإدارية في فترة وزارة صلاح الدين فصلُ ديوان الأحباس الفاطمي الذي كان يشرف على إدارة المؤسسات الدينية وتمويلها وتزويدها عن ديوان الأموال، وجعله ديوانا مستقلاً تحت إدارة الوزير مباشرة، أي صلاح الدين، قبل القضاء على الفاطميين وتحت إدارته هو بعد القضاء عليهم، ومن ثم فقد كان المسؤول الأكبر عن إدارة هذه المؤسسات المهمة، وعن اختيار المّدرسين فيها وقّراء القرآن والحديث والوّعاظ والأئمة [2]، وكان هؤلاء جميعاً من وسائط التغيير وكان من المعروف أن صلاح الدين كان يعتمد على خبرة القاضي الفاضل في اختيار هؤلاء وهو في مصر، وظل على ذلك عندما انتقل إلى الشام، إذ كان يستشيره في الناحيتين التربوية والدينينة وبعد أن هيّأ صلاح الدين المصريين للانقلاب وقلّم أظفار المؤسسة الفاطمية، كما ذكرنا، بداً بالأعداد للقضاء نهائياً على شعائر الخلافة الفاطمية - ففي سنة 565هـ/1169م أبطل الأذان "بحي على خير العمل محمد وعلي خير البشر" ويعلق المقريزي بأن هذه أول وصمة دخلت على الدولة [3].
- تم أمر بعد ذلك في يوم الجمعة العاشر من ذي الحجة 565هـ/1169 - 1170م، بأن

[1] الخطط (2/ 364).
[2] القاضي الفاضل ص 136.
[3] اتعاظ الحنفاء (3/ 317).
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 298
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست