responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 574
إلا وهم يُدبَّرون المكائد ويعقدون الاجتماعات ويبعثون الرُّسل إلى الصليبيين لموافقتهم على ما يريدون " وكان أكثر ما يتعللون به، ويستريحون إليه، المكاتبات المتواترة والمراسلات المتقاطرة إلى الفرنج يوسعون لهم فيها سُبُل المطامع .. ويزينون لهم الإقدام والقدوم [1]. لكن الفرنج لم يستجيبوا بداية لخوفهم من صلاح الدين، وفي ذات الوقت يؤمَّلونهم بالمساعدة في الوقت المناسب.
ووصل الأمر إلى أنّهم كاتبوا ملك الصليبيين عندما قام صلاح الدين بحملته الثانية على بلاد الكرك والشوبك في قسم كبير من قّواته يطلبون منه القيام بالدور المتفق عليه وقالوا في كتبهم: إنه بعيد، والفرصة قد أمكنت، فإذا تقدم عموري بقواته إلى صَدْر أو أيلة، فإنه سيقطع الطريق على صلاح الدين ويمنعه من العودة وعند ذلك تثور في القاهرة " حاشية القصر، وكافة الجند (الفاطمي السابق في مصر) وطائفة السودان، وجموع الأرمن، وعامة الإسماعيلية، وتفتك بأهل صلاح الدين ومعاونيه ورجال دولته في العاصمة [2]. لكنّ يقظة صلاح الدين والتكتيكات والمناورات التي قام بها أدركت عموري الذي كان يحاول جاهداً معرفة حركات صلاح الدين في النقب جنوبي الأردن، وجمدته عند مياه الكرمل في جبال الخليل لخوفه من أن يستغل صلاح الدين فرصة حركة الملك الخاطئة، فيتوجه إلى المناطق غربي نهر الأردن والبحر الميت.
ولم يبأس المتآمرون: فعندما وصل المدعو جِرْج (جورج أو جورجيوس)، كاتب الملك عموري، إلى القاهرة في مراسةل إلى صلاح الدين (ويبدو أن الرسائل كانت متصلة في أوقات السلم، اتصلوا به، وأرسلوا معه كتاباً إلى الملك عموري: أنّ العساكر متباعدة في نواحي إقطاعاتهم، وعلى قرب من موسم علاّتهم، وأنه لم يبق في القاهرة إلا بعضهم، وإذا بعثت أسطولاً إلى بعض الثغور، ففعلنا ما تقدم ذكره في الثورة [3]. وهذا دليل آخر على محاولة استغلالهم لكل الظروف المناسبة، ذلك أن وقت جمع الغلات من الحقول هو الوقت الذي يذهب فيه الأمراء المقطعين وأجنادهم إلى إقطاعاتهم لأخذ حصتهم من الناتج وتوزيعه، وهذه كانت حالة عادية معروفة في تاريخ المنطقة في العصور الوسطى [4].
أن الملك عموري كان كلما أراد التعرف على الأوضاع في مصر والاتصال بالمتآمرين والتفاوض معهم، كان يبعث بـ "جِرْج" رسولاً إلى صلاح الدين: ظاهراً إلينا، وباطنا إليهم، عارضاً علينا الجميل الذي ما قبلته قط أنفسنا، وعاقداً معهم القبيح الذي

[1] كتاب الروضتين (2/ 287).
[2] كتاب الروضتين (2/ 288).
[3] المصدر نفسه (2/ 288).
[4] صلاح الدين القائد وعصره ص 170.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 574
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست