اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 559
ثالثاً: وزارة صلاح الدين في مصر والمهام التي أنجزها:
كان صلاح الدين قد أظهر كفاءة خلال صحبته لعمه، أسد الدين شيركوه، أثناء حملاته على مصر، فتولى الوزارة بعد وفاة عمه، وهو في الحادية والثلاثين من عمره اختاره العاضد، لأنه كان أصغر الأمراء سناً ولعله يكون أكثر طواعيةً له، إلا أن الملك الناصر كما لقبه العاضد - خيب ظن الفاطميين، فشرع يستميل قلوب الناس إليه كما بذل لهم من الأموال التي قد جمعها عمه، فمال الناس إليه وأحبوه وسيطر على الجند سيطرة تامة [1]، وكانت المهام التي أنجزها صلاح الدين في عهد نور الدين عظيمة وضخمة واستطاع القضاء على مراكز القوة:
1 - مؤامرة مؤتمن الخلافة: جرى من الأحداث في مصر بعد تولية صلاح الدين منصب الوزارة، أن البلاد كانت تجتاز مرحلة خطيرة في تاريخها، فالدولة الفاطمية، لازالت موجودة يساندها الجيش الفاطمي وكبار الدولة، والخطر الصليبي لا يزال جاثماً على مقربة من أبواب مصر الشرقية، فكان عليه أن يثبت أقدامه في الحكم ليتفرغ لمجابهة ما قد ينشأ من تطورات سياسية ولم يلبث أن ظهر مقدرة كبيرة في إدارة شؤون الدولة وهو عازم على الاستئثار بكافة الاختصاصات حتى التي تخص منصب الخلافة ونفَّذ عدة تدابير كفلت له الهيمنة التامة منها:
- استمال قلوب سكان مصر بما بذل لهم من الأموال فأحبوه.
- أخضع مماليك أسد الدين شيركوه، وسيطر بشكل تام على الجند بعد أن أحسن إليهم.
- قوّى مركزه بما كان يمده به نور الدين محمود من المساعدات العسكرية وقد وصل أخوه شمس الدولة توران شاه بن أيوب مع إحدى هذه المساعدات العسكرية [2]. وقد أدَّت التدابير التي نفَّذها صلاح الدين إلى تقوية قبضته على مقدرات الدولة، وزادت من تراجع نفوذ العاضد وبالتالي مركز الإمامة وأثارت استياء كبير الطواشية، مؤتمن الخلافة، وهو نوبي، وقائد الجند السودان، وقد أدرك أن نهج صلاح الدين في الحكم سوف يقضى في حال استمراره على الدولة الفاطمية إن عاجلاً أو آجلاً ويبدو أنه كان من بين الطامعين في خلافة شاور، ولما لم يفلح راح يحيك الدسائس للإطاحة بصلاح الدين وحاول الاتصال بعموري الأول ملك بيت المقدس، لتحريضه على مهاجمة مصر، آملاً في حالة الاستجابة أن [1] المصدر نفسه ص 205. [2] تاريخ الفاطميين ص 509 البداية والنهاية (16/ 433).
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 559