responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 551
ممتلكاته لضغط من نور الدين محمود، ففضَّل العودة للدفاع عنها، وأدرك في الوقت نفسه أن حملته مقضي عليها بالفشل في ظل امتناع أسد الدين شيركوه في بلبيس.
وكان موقف أسد الدين شيركوه صعباً أيضاً، فالمؤن بدأت بالنفاذ فضلاً عن تفوق القوات الصليبية الفاطمية المشتركة في العدد وأن الوضع العسكري ليس في صالحه لذلك قبل الدخول في مفاوضات من أجل الجلاء عن مصر [1].

وفعلاً تّم الاتفاق بين الرجلين على الخروج من مصر في شهر ذي الحجة، شهر تشرين الأول وسار الجيشان الإسلامي والصليبي في طريقين متوازيين عبر شبه جزيرة سيناء بعد أن تركا شاور يسيطر على مقاليد الحكم وكان شيركوه آخر من غادر البلاد للحاق بجيشه [2] وكان شاور الفائز الحقيقي في هذا الصراع الذي انتهى لمصلحته، فتخلصَّ من الجيوش الإسلامية الشامية والصليبية على السواء كما تخلصَّ من ضرغام وأضحى طوال العامين التاليين صاحب الأمر والنهي والمتحكَّم في مقاليد البلاد [3]، ووضع أسد الدين شيركوه نفسه بعد عودته من مصر، تحت تصرف نور الدين محمود وأصبحت مصر محور تفكير أسد الدين شيركوه وحديثه في مجالسه ومحور أفكاره، ولم ينقطع عن تبادل الآراء مع أصدقائه فيها الذين كانوا يزودونه بأخبارها وأرسله نور الدين محمود في تلك الأثناء بمهمة إلى بغداد، فاستغل وجوده في عاصمة الخلافة ليثير حماس الخليفة المستنجد بالله حيث راح يقص عليه أخبار مصر وأحوالها، وما شاهده وخبره بنفسه، فتأثر الخليفة بما سمعه وشجَّعه على العودة إليها [4].
وعلى الرغم من أن حملة أسد الدين شيركوه لم تحقق أهدافها في مصر، إلا أن النتيجة النهائية هي أن أملاك نور الدين محمود قد تدعَّمت في بلاد الشام وارتفع شأنه في العالم الإسلامي، بينما تراجعت أملاك الصليبيين إلى الساحل واستبد اليأس بهم [5]، ومهما يكن من أمر، فقد غادر كل من شيركوه وعموري الأول أرض مصر وقد وقف كل منهما على أوضاعها السياسية المتردية وسوء أحوالها الاقتصادية، بالإضافة إلى ما تمتع به من ثروة وفيرة وموارد بشرية هائلة ترجَّح كفة من يضع يده عليها. وانتهز شاور فرصة خروجهما فعاد إلى سيرته الأولى، يظلم ويقتل، ويصادر أموال الناس، بحيث لم يبق للخليفة الفاطمي العاضد معه أمر ولا نهي، ولما ثقلت وطأته عليه كتب إلى نور

[1] المصدر نفسه ص 331.
[2] المصدر نفسه ص 331.
[3] المصدر نفسه ص 331.
[4] تاريخ الزنكيين في الموصل ص 332.
[5] المصدر نفسه ص 332.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 551
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست