اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 49
الطريق أمام سيطرة السلاجقة على بلاده ردّ قائلاً: إن هذا العدو قد طمع في البلاد، وإن أخذ حلب لم يبق بالشام إسلام، وعلى كل حال فالمسلمون أولى بها من الكفار [1]، وكان كلما قرر التوجه لقتال الصليبيين استثار في المسلمين تعشقهم للجهاد ففي عام 524هـ - على سبيل المثال - اتجه إلى الشام وصمم العزم على الجهاد ... وإعلاء كلمة الله [2]، وفي عام 532هـ سار إلى بعرين الخاضعة للصليبيين: وجمع عساكره وحثهم على الجهاد [3]، وعندما عزم على فتح الرها عام 539هـ تبعته العساكر .. عازمين على أن يؤدوا فريضة الجهاد [4]. وقد لاقى فتحه للرها استبشاراً عاماً لدى المسلمين في كل مكان: فأمتلأت به المحافل في الآفاق [5]، واعتبروه نصراً حاسماً للإسلام ضد الصليبية [6]، ومن ثم فإن مفهوم الجهاد خلع على عماد الدين زنكي صفة إسلامية في نظر المسلمين إلى الحد الذي دفع العماد الأصفهاني إلى القول: بأنه كان قطباً يدور عليه فلك الإسلام [7]، كما ذكر رنسيمان أن زنكي اعتبر نفسه " حامي الإسلام " ضد الصليبيين ([8])،
وتتضح نزعة زنكي الدينية في سياسته الداخلية وفي سلوكه الشخصي كذلك، وهناك العديد من الأمثلة التي تبين إلى أي مدى بلغ الحسّ الديني لدى هذا الأمير المسؤول، فعندما قام عام 534هـ - على سبيل المثال - بتولية هبة الله بن أبي جرادة قضاء حلب قال له: هذا الأمر قد نزعته من عنقي وقلدتك إياه، فينبغي أن تتقي الله [9]. وكان يتصدق كل جمعة بمائة دينار جهراً، ويتصدق بما عداها من الأيام سراً [10]. كما كان يستفتي الفقهاء والقضاة قبل إقدامه على كثير من الأعمال [11]، وقد أقام الحدود الشرعية في أنحاء بلاده [12].
* شبهات حول شخصية عماد الدين: إن عدداً من المؤرخين يأخذون على زنكي لجوءه إلى الغدر والظلم إزاء أعدائه في بعض الأحيان، فيصفه الأصفهاني بأنه كان يبلغ في ذلك حد الظلم [13] ويصفه الذهبي بالظلم والزعارة [14]، ويذكر أسامه بن منقذ كيف كان زنكي [1] الباهر ص 62 عماد الدين زنكي ص 175. [2] الباهر ص 39 عماد الدين زنكي ص 175. [3] الباهر ص 39 عماد الدين زنكي ص 176. [4] ذيل تاريخ دمشق ص 279 عماد الدين ص 176. [5] عماد الدين زنكي ص 176. [6] المصدر نفسه ص 176. الباهر ص 69 - 70. [7] تاريخ دول آل سلجوق ص 185. [8] عماد الدين زنكي ص 176 .. [9] زبدة حلب (2/ 274 - 275). [10] الباهر ص 81 عماد الدين زنكي ص 176. [11] مفرج الكروب نقلاً عن عماد الدين زنكي ص 176. [12] زبدة حلب (2/ 284) عماد الدين زنكي ص 176. [13] تاريخ دولة آل سلجوق ص 186. [14] العبر في خبر من غير (4/ 112).
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 49