responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 47
8 - قليل التلون والتنقل: وكان عماد الدين زنكي رحمه الله قليل التلون والتنقل، بطيء الملل والتغير، شديد العزم، لم يتغيّر على أحد من أصحابه مُذْ مَلَك إلى أن قتل إلا بذنب يوجب التغير والأُمراء والمِقَّدمون الذين كانوا معه أولاهم الذين بقوا أخيراً من سَلِمَ منهم من الموت فلهذا كانوا ينصحونه ويبذلون نفوسهم له وكان الإنسان إذا قدم عسكره لم يكن غريباً: إن كان جندياً اشتمل عليه الأجناد وأضافوه، وإن كان صاحب ديوان قصد أهل الديوان وإن كان عالماً قصد القضاة بني الشَّهُزُوري، فيحسنون إليه ويؤنسون غربته فيعود كأنه أهل وسبب ذلك جميعه أنه كان يخطب الرجال ذوي الهمم العليَّة والآراء الصائبة والأنفس الأبية، ويوسع عليهم في الأرزاق، فيسهل عليهم فعل الجميل واصطناع المعروف [1].
9 - غيرته: أتصف عماد الدين زنكي بالغيرة الشديدة ولا سيما على نساء الأجناد، فإن التعرض إليهنَّ كان من الذنوب التي لا يغفرها وكان يقول: إن جندي لا يفارقوني في أسفاري وقلَّما يقيمون عند أهليهم، فإن نحن لم نمنع من التعُرض إلى حُرمهم هلكن وفَسَدْت [2]، وكان قد أقام بقلعة الجزيرة دُزْداراً اسمه نور الدين حسن البربطي، وكان من خواصَّه وأقرب الناس إليه، وكان غير مرضي السيرة، فبلغه عنه أنه يتعَّرض للحُرمَ، فأمر حاجبه صلاح الدين الياغسيساني أن يسير مُجدا ويدخل الجزيرة، فإذا دخلها أخذ البربطي وقطع ذكره، وقلع عينيه، عقوبة لنظره بهما إلى الحرم، ثم يصلبه، فسار الصَّلاح مجُداً، فلم يشعر البربطي إلا وقد وصل إلى البلد، فخرج إلى لقائه، فأكرمه الصَّلاح ودخل معه البلد، وقال له: المولى أتابك يُسلَّم عليك ويريد أن يُعلَيَ قدرك ويرفع منزلتك ويسلَّمَ إليك قلعة حلب، ويوليَّكَ جميع البلاد الشامية لتكون هناك مثل نصير الدين، فتجهَّز وتحدر مالك في الماء إلى الموصل، وتسير إلى خدمته، ففرح ذلك المسكين فلم يترك له قليلاً ولا كيثراً إلا نقله إلى السفن ليحدرها إلى الموصل في دِجْلة، فحين فرغ من جميع ذلك أخذه الصَّلاح وأمضى فيه ما أمر به، وأخذ جميع ماله، فلم يتجاسر بعده أحد على سلوك شيء من أفعاله [3].
10 - عدله: حرص عماد الدين زنكي على نشر العدل بين رعيته، فقد أوصى عماله بأهل حران، ونهي عن الكلف والسخر والتثقيل على الرعية هذا ما حكاه أهل حران، وأما فلاحو حلب، فأنهم يذكرون ضد ذلك لأنه كان يلزم الناس ويجمع الرجال للقتال

[1] كتاب الروضتين في أخبار الدولتين (1/ 163).
[2] الباهر ص 84.
[3] كتاب الروضتين في أخبار الدولتين (1/ 161).
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 47
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست