اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 455
يواجهون عدواً خطيراً [1]، وإذا كان بلدوين الثالث بإسقاطه عسقلان عام 548هـ/1153م أكمل مد النفوذ الصليبي على كافة أنحاء الساحل الشامي من الإسكندرية شمالاً إلى غزة جنوباً؛ فإن استيلاء نور الدين على دمشق جعل داخلية بلاد الشام من الفرات حتى بردي في قبضة قوة إسلامية موحدة [2]، وتلك هي المرة الأولى التي توحدت فيها الشام منُذ العهد السلجوقي وصار بإمكان نور الدين محمود أن يوجه ضرباته لأعدائه في الشمال صوب أنطاكية وفي الجنوب صوب منطقة الجبل الأعلى والحدود الشمالية للمملكة اللاتينية كذلك أدى إسقاط دمشق إلى فتح الطريق نحو القاهرة، التي غدت محط أطماع متبادلة من جانب نور الدين والصليبيين على حد سواء [3].
خامساً: أهم نتائج ضم دمشق:
ترتب على ضم دمشق عدة نتائج كانت لصالح المسلمين لعل أهمها:
1 - قضى نور الدين محمود على الأسرة البورية التي حكمت دمشق منُذ عام 497هـ/1103م وآلت هذه الأتابكية بجندها وإقطاعاتها إليه، فكان ذلك فتح الفتوح وأضحت الدولة النورية قطعة متصلة من الشمال إلى الجنوب.
2 - صفت الممالك بالشام لنور الدين محمود وألقى الإسلام بدمشق جرانه، وثَّبت أوتاده، وذلك إشارة إلى أن دمشق كانت في ظل حكم الأسرة البورية تحت حماية الصليبيين.
3 - قامت لأول مرة في بلاد الشام منُذ أن وطئها الصليبيون دولة إسلامية متحدة مركزها دمشق، وقد أفزع هذا الصليبيين فعلَّق المؤرخ وليم الصوري قائلاً: كان هذا التغير مشؤوماً بالنسبة لمصالح مملكة بيت المقدس لأنه وضع الصليبيين في مواجهة خصم عنيد في شدته محل رجل مسلوب الإرادة، إشارة إلى مجير الدين أبق، قد جرَّده ضعفه من أن يكون مصدر أذى عليهم، كما أنه ظلَّ حتى ذلك الوقت يدفع لهم الجزية سنوياً شأنه في ذلك شأن التابع لهم [4]. وفي رأينا أن التغيير المشؤوم بالنسبة لمملكة بيت المقدس هو نفسه التغير المبارك بالنسبة للمسلمين هو توحد عدة مدن كانت دويلات في دولة واحد قوية وتوحيد جيوشها المبعثرة في جيش واحد قوي على رأسه قيادة ربانية كنور الدين زنكي استطاعت أن تعطي هيبة وقوة للدولة.
4 - شكل ضمُّ دمشق إلى حلب نقطة تحول هامة في تاريخ الحروب الصليبية بفعل أنه [1] فن الصراع الإسلامي الصليبي ص 115. [2] المصدر نفسه ص 115. [3] المصدر نفسه ص 115. [4] تاريخ الأعمال المنجزة فيما وراء البحار (2/ 815).
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 455