responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 45
للأمور، فقد كان شديد العناية بأخبار الأطراف وما يجري لأصحابها، حتى في خلواتهم، ولا سيما بلاط السلطان وكان يدفع في ذلك المال الجزيل، فكان يطالع ويكتب إليه بكل ما يفعله السلطان، في ليله ونهاره، من حرب وسلم وهزل، وجد، فكان يصل إليه كل يوم من عيونه عدة كتب وكان مع أشتغاله بالأمور الكبار، من أمور الدولة لا يهمل الإطلاع على الصغيرة وكان يقول إذا لم يعرف الصغيرن ليمنع صار كبيراً، وكان لا يمكن ملك أن يعبر بلاده بغير إذنه، وإذا استأذنه رسول في العبور أذن له، وأرسل إليه من يسيره ولا يتركه يجتمع بأحد من الرعيةن ولا غيرهم، فكان الرسول يدخل بلاده ويخرج منها، ولا يعلم من أحوالها شيئاً. ومن آرائه إنه لما اجتمع له الأموال الكثيرة، أودع بعضها بسنجار وبعضها بالموصل، وبعضها بحلب، وقال إن جرى علي بعض هذه الجهات فتق أو حيل بيني وبينه استعنت على سد الخرق بالمال في غيره [1]، وكان الرجل طويل الفكر كتوماً لا يعلن عما ينويه، إلا بعد أن يتخذ الأهبة الكاملة، وان يفرض أسوأ الاحتمالات، ويعد نفسه لها، فلما سار من بغداد قاصداً الموصل أخذ البوازيج وهي قرية قرب تكريت [2]، ليملكها وتقوى بها، ويجعلها في ظهره أن منعه جاولي عن البلاد [3]، ومن حذره تردده في دخول دمشق بعد أن وعده جماعة من أهلها بفتح أبوابها له، خوفاً من أن يتفرق جيشه ولضيق المسالك ولأمكان مهاجمتهم من ظهور البيوت [4].
ولما وصل الروم الفرنج إلى الشام نازلوا حلب، ولم ير عماد الدين أن يخاطر بالمسلمين ويلقاهم لأنهم كانوا في جمع عظيم فانحاز عنهم ونزل قريباً منهم يمنع عنهم الميرة [5].
6 - قدرته على اختيار الأكفاء من الرجال: وكان يختار الرجال الأكفاء، الذين أخلصوا له، وكانوا دعائم دولته، ودولة أبنائه من بعده، فقد كانت له همة عالية، ورغبة في الرجال وذوي الرأي والعقل، ويرغبهم ويخطبهم من البلاد، ويوفر لهم العطاء، وقال ابن الأثير حكى لي والدي، قيل للشهيد أن هذا كمال الدين، ويحصل له في كل سنة ما يزيد على عشرة آلاف دينار أميرية، وغيره يقنع منه بخمسائة دينار فقال لهم بهذا العقل والرأي تدبرون دولتي، إن كمال الدين يقل له هذا القدر وغيره يكثر له خمسمائة دينار، أن شغلا واحد يقوم به كمال الدين خير من مائة ألف دينار، وكان كما قال رحمه الله [6]، وكان

[1] كتاب الروضتين نقلاً عن الحروب الصليبية والأسرة الزنكية ص 167.
[2] الحروب الصليبية والأسرة الزنكية ص 167.
[3] مفرج الكروب نقلاً عن الحروب الصليبية والأسرة الزنكية ص 168.
[4] كتاب الروضتين نقلاً عن الحروب الصليبية ص 168.
[5] الحروب الصليبية والأسرة الزنكية ص 168.
[6] كتاب الروضتين (1/ 159، 160).
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست