اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 325
والغزو الصليبي وإلى جانب نظام الملك كان هناك عشرات من الذين تولوا الإدارة والجيش والقضاء والحسبة وآخرون تولوا القيام على المدارس النظامية كالإمام الجويني وأبي إسحاق الشيرازي، وأبي القاسم القشيري والإمام الغزالي وغيرهم ولقد واجهت الدولة السلجوقية ورجالها العظام الخطر الفاطمي الباطني الذي انتشر في مختلف البقاع الإسلامية، لقد كانت المدارس النظامية والحركة المباركة التي قادها السلاطين السلاجقة من أمثال ألب أرسلان - مع العلماء لمواجهة التحدي الفاطمي الرافضي الباطني أطيب الأثر في وضع الأمة على الطريق الصحيح الذي سار عليه من بعدهم رجال من القادة السياسيين والعلماء العاملين المخلصين، فكانت لتلك الشجرة الطيبة الكثير من الغصون والثمار التي طابت وأينعت وامتدت ونمت وتفرعت حتى عم خيرها الجميع ([1])،
وقد تحدثت عن حركة الإصلاح التي قام بها الإمام الغزالي في كتابي عن دولة السلاحقة وعن جهوده الفذة في مقارعة التشيع الرافضي الباطني وسيأتي الحديث بإذن الله عن المدرسة القادرية وشيخها عبد القادر الجيلاني وجهوده في الإحياء السني ودوره في نهضة الأمة وترشيد التصوف السني، فقد لعبت المدرسة القادرية دوراً مهماً جداً في حركة الإصلاح والتجديد والتغيير الاجتماعي وتهيئة الأمة للجهاد في سبيل الله. وعندما جاء نور الدين للحكم استفاد من الجهود العلمية والتربوية التي سبقته وأدركت دولته أن التعليم هو الدعامة الإساسية في بناء الشخصية المتكاملة من جميع النواحي العقائدية، والثقافية والفكرية ... إلخ واعتبرت الإنسان الكنز الذي لا يقدر بأي ثمن، فجعلته مدار اهتمامها، وقطب الرحى في تفكيرها فعمدت إلى بناء المؤسسات التعليمية من مدارس ودور القرآن والحديث، وأحيت رسالة المسجد ليسهم في عملية البناء والتصحيح الجديدة، وتوجيه وتوعية الأمة وتعبئتها تعبئة عامة شاملة لمواجهة الأخطار ومجابهة التحديات الداخلية الباطنية والخارجية الصليبية، وكونت مجلساً عاماً يشرف على العملية التعليمية والصياغة التربوية يضم أهل الحل والعقد وهيئة كبار العلماء العاملين المخلصين والقادة العسكريين والفقهاء والشيوخ المستنيرين وكان نور الدين أحد أعضاء هذا المجلس الأعلى الذي يشرف على التخطيط العام والشامل، وكان يجلس مع العلماء والشيوخ يتدارسون الأمور إلى ما يحقق المصلحة الإسلامية ([2])،
ورسم هذا المجلس الأعلى للتخطيط والتنسيق بين السياسات العامة الواجب اتباعها نحو إعداد الأمة الإسلامية كلها إعداد جديداً، وبنائها بناء سليما على طريقة السلف الصالح، فقرروا ضرورة تأسيس مئات المدارس ونشر التعليم الإسلامي في جميع أنحاء البلاد، كما قرروا إقامة مئات المساجد للقيام بواجب التزكية والتحلية، بالفضائل والتخلية من [1] لا طريق إلا الجهاد ص 322 .. [2] لا طريق غير الجهاد ص 334 ..
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 325