responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 225
" فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا " (النمل: 52) وقد سجل التاريخ بأن نور الدين محمود ساد العدل في دولته [1] وتم إيصال حقوق الناس إليهم فنشطوا في الجهاد والدفاع عن دينهم وعقيدتهم، وأوطانهم وأعراضهم ومن أبرز أعماله الإصلاحية والتجديدية إقامته للعدل في دولته (2)
وقد أولى نور الدين المؤسسة القضائية اهتماماً كبيراً وجعلها في قمة أجهزته الإدارية، وخول القضاة على اختلاف درجاتهم في سلم المناصب القضائية صلاحيات واسعة، إن لم نقل مطلقة ومنحهم استقلالاً تاماً، لكونهم الأداة التنفيذية لا قرار مبادي الحق والعدل، وتحويل قيم الشريعة ومبادئها إلى واقع ملتزم وتوجت جهوده بإنشاء دار العدل التي كانت بمثابة محكمة عليا لمحاسبة كبار الموظفين وإرغامهم على سلوك المحجة البيضاء أو طردهم واستبدالهم بغيرهم إن اقتضى الأمر [3]. وكان شعاره ما أكده لأصحابه مراراً: حرام على كل من صحبني ولا يرفع إلى قصة مظلوم لا يستطيع الوصول إلي [4]. ويحكي خادمه شاذبخت الطواشي الهندي - الذي كان أحد نوابه في حلب - هذه الحادثة ذات الدلالة الواضحة في هذا المجال: كنت يوماً أنا ورجل واقفين على رأس نور الدين وقد صلى المغرب وجلس وهو مفكر فكراً عظيماً وجعل ينكش باصبعه الأرض، فعجبنا من فكره وقلنا: في أي شيء يفكر؟ في عائلته أو في وفاء دينه؟ وكأنه فطن بنا فرفع رأسه وقال ما تقولان؟ فأجبناه بعد تردد فقال: والله إني أفكر في والٍٍ وليته أمور المسلمين فلم يعدل فيهم، أو فيمن يظلم المسلمين من أصحابي وأعواني وأخاف المطالبة بذلك من الله (أمام الله): فبالله عليكم .. وإلا فخبزي عليكم حرام - لاتريان قصة مظلوم لا ترفع إلي، أو تعلمان مظلمة، إلا وأعلماني بها وأرفعها إلي [5] وقد وصف ابن الأثير نور الدين بأنه: كان يتحرى العدل وينصف المظلوم من الظالم كائناً من كان القوي والضعيف عنده في الحق سواء، فكان يسمع شكوى المظلوم ويتولى كشف ذلك بنفسه، ولا يكل ذلك إلى حاجب ولا أمير، فلا جرم أن سار ذكره في شرق الأرض وغربها [6].

1 - دار العدل أو المحكمة العليا: كانت قمة إجراءاته القضائية إنشاءه داراً في دمشق لكشف المظالم سماها (دار العدل) وكانت أشبه بمحكمة عليا لمحاسبة كبار الموظفين ثم عممت صلاحياتها فامتدت أقضيتها إلى سائر أبناء الأمة وقد جاء إنشاؤها بسبب من تزايد

[1] دروس وتأملات في الحروب الصليبية ص 205.
(2) أيعيد التاريخ نفسه ص 98 ..
[3] نور الدين محمود الرجل والتجربة ص 75.
[4] الكواكب ابن قاضي شهبه ص 25 نور الدين محمود 75.
[5] الكواكب ص 25 نور الدين محمود الرجل التجربة ص 75.
[6] الباهر ص 166.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 225
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست