responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 198
آثار الآثام، وإسقاط كل ما يدخل في شبهة الحرام فما أبقى الجزية والخراج وما تحصل من قسم الغلاّت على قويم المنهاج قال: وأمر أن يكتب مناشير لجميع أهل البلاد فكتب أكثر من ألف منشور، وحسبنا ما تصدق به على الفقراء في تلك الأشهر، فزاد على ثلاثين ألف دينار، وكانت عادته في الصدقة أنّه يحضر جماعة من أماثل البلد في كل محله، ويسألهم عمن يعرفون في جوارهم من أهل الحاجة ثم يصرف إليهم صدقاتهم وكان يرسم نفقته الخاص في كل شهر من جزية أهل الذمة مبلغ ألفي قرطيس يصرفه في كسوته ونفقته وحوائجه المهمّة حتى أجرة خياطه وجامكية طباخه ويتفضل منه ما كان يتصدق به في آخر الشهر، وأما ما كان يُهدى إليه من هدايا الملوك وغيرهم، فإنه كان لا يتصرف في شيء منه لا قليل ولا كثير، بل إذا اجتمع يخرجه إلى مجلس القاضي ويحصّل ثمنه، ويصرفه في عمارة المساجد المهجورة، وتقدم بإحصاء ما في محال دمشق من ذلك، فأناف على مائة مسجد، فأمر بعمارة ذلك كّله، وعين له وقوفاً [1]. قال: ولو اشتغلت بذكر وقوفه وصدقاته في كّل بلد لطال الكتاب، ولم أبلغ إلى أمره، ومشاهدة أبنيته الدّالة على خلوص نيَّته تغني عن خيرها بالعيان، ويكفي أسوار البلدان فضلاً عن الربط والمدارس على اختلاف المذاهب واختلاف المواهب وفي شرح طوله طول وعمله لله مبرور مقبول [2].
وأدرّ على الضعفاء والأيتام والصدقات حتى وقف وقوفاً على المرضى والمجانين وأقام لهم الأطباء والمعالجين، وكذلك على جماعة من العلماء ومعلمّي الخط والقرآن وعلى ساكني الحرمين، ومجاوري المسجدين، وجهز عسكراً يحفظ المدينة، وأقطع أمير مكة، ورفع عن الحجاج ما كان يؤخذ منهم من المكس، وأقطع أمراء العرب لئلا يتعرضوا للحجاج، وأمر بإكمال سور مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم واستخراج العين التي بأحُدُ، وكانت قد دفنتها كثرة السيول، وعمّر الربط والخانقاهات، والبيمارستانات، وبنى الجسور في الطرق والخانات ونصب جماعة من المعلمين لتعليم يتامى المسلمين وأجرى الأرزاق على معلميهم وعليهم، بقدر كفايتهم وكذلك صنع لما ملك سنجار، وحّران والرقة، ومنبج وشيزر وحماة وحمص وبعلبك وصرخد وتدمر، فما من بلد منها إلاّ وله فيه حسن أثر، وحصل الكثير من كتب العلوم ووقفها على طلاّبها [3].

وقد مدح الشعراء نور الدين على كرمه وجوده فقد قال ابن منير:
يأيها الملك المنادي جوده ... في سائر الآفاق: هل من معسر

[1] عيون الروضتين (1/ 346).
[2] المصدر نفسه (1/ 346).
[3] المصدر نفسه (1/ 351).
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست