اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 117
الأحداث الكبرى في بلاد الشام والاتجاه التقليدي في المدح، والتجديد في معاني الغزل والنسيب ونحن ندعو شعراء اليوم للقيام بواجبهم في بث روح الجد والعمل والجهاد في الأمة من خلال ملكة الشعر التي وهبها الله لهم.
أ- أحداث كبرى: صور الشاعر الأحداث الكبرى في عصره خير تصوير، ووصف من خلال المدح الأبطال المسلمين وحروبهم ورسمها بدقة، فكانت لناصورة حقيقية عن الملاحم المشتجرة بين المسلمين والفرنجة ونستطيع القول إن المدح التقليدي المعروف خرج عن طوقه الآسر، وتطرق إلى وصف هذه الأحداث خلال فترة مديدة من الزمن ولم يبق الشاعر كما كان كثير من سابقيه أسير المعاني التقليدية المعروفة: جود، وبأس، وحلم وجد نفسه أمام صراع مرير تسترخص فيه المهج وتبذل له الأرواح في سبيل العقيدة، وصوت الأوطان، وحماية الأعراض، وطرد المغتصب، فقد أدى الشاعر مهمته خير أداء، فصور هذه الأحداث الجسام ونظمها في شعره، وخلدها على توالي الأيام وتعاقب الدهور، شأنه في ذلك كأي مؤرخ [1]، وقد تفاعل مع الأحداث ومما قاله في عماد الدين زنكي وجهاده:
فقل لملوك الكفر تُسلُم بعدها ... ممالكها إن البلاد بلاده
كذا عن طريق الصبُّح فلينته الدجا ... فيا طالما غال الظلام امتداده
ولله عزمٌ ماءَ سيحان وردهُ ... وروضة قسطنطينة مسترداه (2)
ب- التجديد في معاني الغزل والنسيب: درج الشعراء في معظم الأحيان على استهلال قصائدهم بالنسيب وعلى هذه السنة جرى ابن القيسراني في مطالع بعض القصائد وله في هذه المجال كلام يطول [3] وقد وصف العماد الكاتب في وصف إحدى قصائده أنها: قطعت مجنسة في لطافة الهواء، مالكة رق الأهواء، خلصت من كلفة التكلف، وصفا مشربها عن قذى التعسف، فالأشعار المتكلفة المصنوعة قلما ينفق فيها الأبيات المطبوعة، إلا أن يخص الله من يشاء بالخاطر العاطر، والفكر الحاضر، والقريحة الصافية والآداب الوافرة الوافية، وربما يندر للناظر مقطعات يرزق فيها القبول، كهذه القطعة التي تسلب العقول [4]. [1] الأدب في بلاد الشام عصور الزنكيين والأيوبيين والمماليك ص 187.
(2) كتاب الروضتين في أخبار الدولتين (1/ 37، 38). [3] الأدب في بلاد الشام ص 189. [4] الخريدة (1/ 98) نقلاً عن الأدب في بلاد الشام ص 204.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 117