اسم الکتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 50
ومجالس شورى تُدبِّرُ دفتها وحركتها، فتطلعت لتوحيد المغرب الأقصى كله وإزالة كل عائق يمنعها من تحكيم شرع ربها.
الوضع السياسى فى المغرب الأقصى عند ظهور المرابطين:
كان المغرب الأقصى فى أوائل القرن الخامس الهجرى فى محنة سياسية ودينية؛ حيث ظهرت دعوات منحرفة عن الإسلام وحقيقته وجوهره الأصيل، واستطاعت بعض الدعوات البدعية الكفرية أن تُشكِّل كيانًا سياسيًا تحتمى به, وأصبح المغرب الأقصى شبيهًا بالأَنْدَلُس فى زمن ملوك الطوائف، وكانت الطوائف التى سادت المغرب قبيل وصول المرابطين تتكون من أربع شوكات قوية لها وزنها فى المغرب الأقصى:
أولاً: قبائل غمارة فى الشَّمَال.
ثانياً: قبائل برغواطة فى المغرب.
ثالثاً: قبائل زناتة وكانت تكوِّن نطاقًا حول الطوائف السابقة لا سِيَّمَا برغواطة.
رابعًا: طوائف الشيعة والرافضة والوثنيين فى الجنوب.
1 - الطائفة الأُولى: قبائل غمارة:
كانت تسكن جبال الرِّيف الممتدة من ناحية البحر المتوسط من سبتة وطنجة غربًا، إلى وادى نكور بالقرب من المزمة أو الحُسَيْمة الحالية شرقًا، وتمتد بلادُهم جنوبًا إلى قرب فاس, وكانت غمارة بطنًا من بطون مصمودة وظهر فيها مشعوذون، وقصدتهم الخوارج للمنعة فى جبالهم، ووصفهم المُؤَرِّخُون من أمثال ابن خلدون وغيره: بأنَّهم: «عريقون فى الجاهلية؛ بل الجهالة، والبعد عن الشرائع بالبداوة والانتباذ عن مواطن الخير، وتنبَّأ فيهم إنسان يعرف بحاميم بن مَنِّ الله، ولُقِّب بالمفتري، وفى رواية أخرى بالمقتدي- ولعلها هى الأصل ثم حُرِّفت إلى المفترى - والجبل الذى تنبِّأ فيه يُنسب إليه، وهو جبل على مقربة من تطوان، وأجابه بشر كثير من غمارة وأقروا بنبوته، ووضع لهم شريعة استهواهم برخصها، فردَّ لهم الصلاة صلاتين عند طلوع الشمس وعند غروبها، ووضع لهم قرآنًا بلسانهم «أى البربرى»، ومن تعاليمه أنه أحلَّ لهم أكل أنثى الخنزير، وأسقط عنهم الحج والطهر والوضوء، وحرَّم عليهم الحوت حتى يُذكى، وحرَّم بيض كل طائر. . إلخ» [1]. [1] انطر: الاستبصار فى عجائب الأمصار، لمؤلف مجهول، ص (190).
اسم الکتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 50