اسم الکتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 49
صحيح لكتاب الله، وفقه واسع لسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , ورغبهم فى ثواب الله تعالى، وطلب مرضاته، وخوَّفهم من عقابه، وتمكَّن حُبُّ الاتباع من قائدهم العالم الفقيه، بدأ ابن ياسين بإرسال البعوث إلى القبائل، لترغيب النَّاس فى الإسلام، فلبى مجموعة من أشراف صنهاجة هذه الدعوة المحكمة والتفوا حوله.
ثم أمر ابن ياسين أتباعه وتلاميذه أن يذهب كل منهم إلى قبيلته أو عشيرته يدعوهم إلى العمل بأحكام الله وسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما لم يجدوا استجابة من أقوامهم، خرج إليهم بنفسه، فجمع أشياخ القبائل، ووعظهم وحذرهم عقاب الله، واستمرَّ فى ذلك سبعة أيام، فلم يزدادوا إلا فسقًا، فلمَّا يئس منهم أعلن الجهاد عليهم [1].
تحرَّكت جموعُ المرابطين أولاً صوب قبيلة جدالة، حيث اشتبكوا معهم فى معركة شرسة وأوقعوا بهم الهزيمة، وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، وانقاد الباقون لأحكام الإسلام، ثم سار ابن ياسين إلى قبيلة لمتونة فقاتلهم وانتصر عليهم، ودخلوا فى طاعة ابن ياسين، وبايعوه على إقامة الكتاب والسنة، ثم مضى إلى قبيلة مسوفة التى دخلت تحت لوائه وبايعوه على ما بايعته قبائل جدالة ولمتونة، فلما شهدت قبائل صنهاجة هذه الأحداث بادرت إلى مبايعة ابن ياسين على بذل الطاعة له، وقلدتها كثير من القبائل الصحراوية
فى ذلك [2].
ووضع ابن ياسين خطة شاملة تركَّزت على توزيع النابغين من تلاميذه على القبائل التى دخلت فى دعوته ليعلموها القرآن وشرائع الإسلام، وبدأ ابن ياسين فى تخطيط الدولة التى شرع لتأسيسها على أسس شرعية ربَّانية، وفى ظنى أن الذى أسس الدولة المرابطية فعليًا ونفذ أحكامها الشرعية هو يوسف بن تاشفين، وهذا ما يتضح من خلال دراسة هذه الدولة البهية، ولما تُوفى الأمير يحيى بن إبراهيم الجدالي، قدَّم ابن ياسين مكانه يحيى بن عمر اللمتونى وكان من أهل الدين والفضل، كما كان منقادًا فى جميع أموره لإمامه ابن ياسين [3].
وبذلك أصبحت القبائل الصنهاجية فى المغرب الأقصى لها قيادة دينية وسياسية [1] انظر: ابن أبي زرع، روض القرطاس، ص (85). [2] انظر: تاريخ المغرب والأندلس، د. حمدي عبد المنعم، ص (41). [3] انظر: دولة المرابطين, ص (31).
اسم الکتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 49