اسم الکتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 43
وأوفرهم قُوَّة وأقدرهم على تحمل المشاق، كان يطلب منهم أن يتخلوا عن تقاليدهم وأعرافهم وتصوُّراتهم التى تخالف الإسلام، ويدخلوا الإسلام بقلوب صافية ونفوس طاهرة وهمم عالية تسعى لتحكيم شرع الله على وجه المعمورة [1].
وعمل جاهدًا على تحكيم شرع الله على الأفراد وفى مُجْتَمَعه الجديد، وكان يرى أن مَن فاتته صلاة من عمره عليه أن يقضيها، وهى مسألة فقهية اختلف علماء الأمة فيها، فمنهم مَن يكتفى بالتوبة النصوح، ومنهم مَن يطلب قضاء ما فات.
وكان ابن ياسين يهتم اهتمامًا بالغًا بالفقهاء والعلماء ويرفعهم إلى مراتب عالية حيث التف حوله مجموعة من الفقهاء والعلماء ليساعدوه على تربية النَّاس وتعليمهم وتأهيلهم للمرحلة القادمة.
وكان لا يمنعه الحياء من طرد مَن لا يراه مناسبًا لهدفه المنشود.
وكان أهل الرِّبَاط فى قمة الصفاء الروحي, ويعيشون حياة مثالية فى رباطهم، فيتعاونون على قوتهم اليومى معتمدين على ما توفِّرُه لهم جزيرتهم من الصيد البحري، يقنعون بالقليل من الطَّعام، ويرتدون الخشن من الثياب [2].
كان رباط السنغال الذى أسَّسه الداعية الرَّبانى ابن ياسين منارة يشع نورُها وخيرها وعلمها فى تلك الصحارى القاحلة، فأصبح قطبًا جذابًا؛ عاملاً على جذب أبناء قبائل صنهاجة إليه، ووفر الأمن والاستقرار فى تلك الديار الصحراوية البعيدة، فأصبحت القوافل تمرُّ بأمن وسلام دون أن يتعرض لها أحد بسوء، وقد أدَّى ذلك إلى ازدهار التجارة.
وتميَّزَ ذلك الرِّبَاط بحسن إدارته وتنظيمه وتشكيله مما ساعد على قُوَّة النواة الأولى لدولة المرابطين حيث تشكل مجلس الشورى, وجماعة للحلِّ والعقد تطورت مع مرور الأيام, وأصبحت مرجعية عليا لِلْمُلَثَّمِين.
2 - أصول المنهجية العلمية والفقهية عند الفقيه ابن ياسين التى ربى عليها أتباعه:
يُعتَبر الفقيه ابن ياسين من علماء أهل السنة والجماعة, مالكى المذهب، واستمدَّ [1] انظر: دولة المرابطين، ص (27 - 28). [2] المصدر السابق نفسه.
اسم الکتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 43