اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 358
[2] ـ ولاية زياد بن أبيه على الكوفة:
كان زياد على البصرة وأعمالها إلى سنة خمسين، فمات المغيرة بن شعبة بالكوفة وهو أميرها، فكتب معاوية إلى زياد بعهده على الكوفة والبصرة، فكان أول من جمع له الكوفة والبصرة، فاستخلف على البصرة سمرة بن جندب، وشخص إلى الكوفة، فكان زياد يقيم ستة أشهر بالكوفة وستة أشهر بالبصرة [1]. وقد تحدثنا عن سياسة زياد فيما سبق بالعراق وقد وصفه الذهبي فقال فيه: .. كان من نُبلاء الرجال، رأيا، وعقلاً وحزماً ودهاءً، وفطنة وكان يضرب به المثل في النُّبل والسؤدد وكان كاتبا بليغاً كتب للمغيرة، ولابن عباس وناب عنه بالبصرة [2]. وقال الشعبي: ما رأيت أحداً أخطب من زياد [3]. وقال فيه ابن حزم: لقد امتنع زياد وهو فِقَعَةُ القاع [4]، لا نسب له ولا سابقة، فما أطاقة معاوية إلا بالمداراة، ثم استرضاه وولاّه [5] وقال أبو الشعشاء: كان زياد أفتك من الحجَّاج لمن يخاف هواه [6] وعندما استقر أمره بالعراق وتمكن منها، كتب زياد إلى معاوية: قد ضبطت لك العراق بشمالي ويميني فارغة، فاشغلها بالحجاز ... فلما بلغ ذلك أهل الحجاز أتى نفر منهم عبد الله بن عمر بن
الخطاب، فذكروا ذلك له، فقال: ادعوا الله عليه فيكفيكموه، فاستقبل القبلة، واستقبلوها فدعوا ودعا، فخرجت طاعونة [7] على أصبعيه، فأرسل إلى شريح [8] ـ وكان قاضيه ـ فقال: حدث بي ما ترى، وقد أمرت بقطعها، فأشر علي، فقال له شريح: إني أخشى أن يكون الجراح على يدك، والألم على قلبك، وأن يكون الأجل قد دنا، فتلقى الله عز وجل أجذم (9)
وقد قطعت يدك كراهية للقائه، أو أن يكون في الأجل تأخير، وقد قطعت يدك فتعيش أجذم وتعير ولدك، فتتركها وخرج شريح فسألوه، فأخبرهم بما أشار به، فلاموه وقالوا: هل أشرت عليه بقطعها، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المستشار مؤتمن [10]. وقد مات زياد سنة ثلاث وخمسين [11]. [1] تاريخ الطبري (6/ 150). [2] تاريخ الطبري (6/ 150). [3] سير أعلام النبلاء (3/ 495). [4] المصدر نفسه (3/ 496). [5] المصدر نفسه (3/ 496). [6] المصدر نفسه (3/ 496). [7] الطاعون: الوباء. [8] شريح الكندي: مختلف في صحبته ولي القضاء من عهد عمر حتى عصر عبد الملك توفي سنة 78 هـ.
(9) الأجذم: المقطوع اليد، أو الذاهب الأنامل .. [10] صحيح الأدب المفرد للألباني 113. [11] تاريخ الطبري (6/ 206).
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 358