اسم الکتاب : نيل الأمل في ذيل الدول المؤلف : المَلَطي، زين الدين الجزء : 1 صفحة : 36
والطبّ، مع معرفته بالتركية، وتأثّر بأبيه في التأريخ فسار على نهجه، فألّف، وصنّف، وأرّخ، ونظم الشعر، وجمع بين علوم المشرق والمغرب من خلال أخذه عن شيوخ الشام ومصر وبلاد المغرب العربيّ والأندلس وبلغ شيوخه الذين أفاد منهم العشرات، وزادوا على الأربعين شيخا في مختلف البلاد التي زارها. وأول شيوخه كان والده المؤرّخ المصنّف، الذي زرع فيه حبّ التأريخ، ووضع بين يديه مدوّناته وفوائده وتعليقاته، فنقل الكثير منها وأفرغها في كتبه، يدلّ على ذلك متابعته أخبار مصر والشام اليومية وهو في بلاد المغرب، إذ يروي عن أبيه أنه صعد إلى القلعة بالقاهرة فسأله السلطان خشقدم عن الفرق في الاصطلاح بين «ملك الأمراء» و «النائب»، فأجابه على ذلك بالتفصيل، وقال بعد ذلك: «ونقلته من خطّه لأنّني كنت هذه الأيام في تلمسان» [1]، وفي موضع آخر ذكر أنّ السلطان سأل والده عن القول في الخطبتين يوم العيد عندما يأتي العيد في يوم الجمعة، فأفاض والده في الجواب بعدم صحّة الأقوال بالتشاؤم، وأقوال العوامّ، وأنّ ذلك حصل كثيرا للخلفاء والسلاطين ولم يحصل شيء. وقد نقل المؤلّف ذلك من خطّ والده، وقال: «نقلت هذا من خط الوالد - رحمه الله - لأنّني كنت غائبا ببلاد المغرب» [2]. وروى مرة عن أبيه عن جدّه، فقال: «وكان الوالد يذكر لنا عن أبيه، عن بعض أخصّاء الظاهر برقوق» [3]. وفي موضع آخر ذكر خبر والده مع السلطان خشقدم من جديد، وسفر والده للحج، وسفره مع الحجّاج العراقيين إلى الحلّة، وسفارته لأمير الحلّة إلى جهان شاه، ووفاة السلطان خشقدم وما أصاب أهل القاهرة من حزن عليه وغير ذلك من أخبار، وقال: «نقلت هذه الجملة من تعليق بخط الوالد - رحمه الله تعالى - وفيه من الغرائب ما قد وقفت عليه يا مخاطب، بل وفيه ما يغنينا عن إعادة ذكره مع سياق الكلام منتظما» [4]. كما أخذ عنه شفاها، فقال: «ذكر لي الوالد من لفظه» [5]. ونقل من كتاب والده «كشف الممالك وبيان الطرق والمسالك» المفقود، خبر ضبط المتحصّل من مكس القطن الموسوق للفرنج بميناء طرابلس الشام في أيام ناظرها «أركماس الجلباني»، وذلك في ترجمته لإبراهيم بن المراة القبطيّ [6].
وتنوّعت مصادره من غير والده، بين مدوّنة وشفاهية أيضا، فضلا عن مشاهداته الشخصية، ومعايشته لكثير من الأحداث والوقائع، وكان مشاهدا لها وفي وسطها. ولدينا نصوص كثيرة، تبدأ بقوله: «سمعت» و «رأيت» و «أخبرني» و «حضرت» و «أنشدني»، [1] الروض الباسم 3 / ورقة 91 ب. [2] الروض الباسم 3 / ورقة 116 ب. [3] نيل الأمل 1 / ورقة 59 ب. [4] الروض الباسم 3 / ورقة 134 أ - 135 ب. [5] الروض الباسم 1 / ورقة 3. [6] الروض الباسم 1 / ورقة 34، وانظر: نيل الأمل 1 / ورقة 681 (حوادث سنة 838 هـ).
اسم الکتاب : نيل الأمل في ذيل الدول المؤلف : المَلَطي، زين الدين الجزء : 1 صفحة : 36