اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 906
أولاً: توقف منهج التجديد الإصلاحي: كان صلاح الدين رحمه الله رجل المرحلة، وجدت فيه صفات عظيمة، ساعده على ذلك الأجواء التي هيأها نور الدين محمود من حبه للجهاد والعلم وتقريب العلماء وإشاعة العدل، وسرى هذا في الأمراء والوزراء، ولكن المعضلة الرئيسية التي بقيت هي أن التجديد لم يتحول إلى مؤسسات راسخة إلى اتجاه عام في الدولة لا ينقطع بوفاة القائد أو المؤسس [1] وذلك يرجع إلى أمور منها: 1 - نقص الفقه الحركي وجه نشاطات المدارس الإصلاحية:
فإن مدارس الإصلاح في هذا العصر ركزت نشاطاتها على تحقيق عنصر "الإخلاص" في العمل، أي أنّها ركزت على التربية أكثر من الاستراتيجية، ولذلك لم تفرز "فقه الحكمة" اللازم لتنظيم مؤسسات السياسة والإدارة والاقتصاد وتنظيم مسؤوليات العاملين فيها وأدائهم، وحسن استثمار الموارد البشرية والمادية بما يناسب حاجات المكان والزمان، وإنما اكتفت بـ (فقه) الآباء الذي يركز على "المظهر الديني للعبادة" دون "المظهر الاجتماعي" وصار شيوخها ومتعلموها يسلكون طريق "الزهد" وينتمون إلى مذهب من المذاهب الفقهية التقليدية في آن واحد ولهذا يؤُصف الواحد منهم بانه - مثلاً "قادري السلوك" و"شافعي المذهب" كذلك لم تطرق هذه المدارس ميادين "الفقه" المتعلق بالمظهر الكوني للعبادة والمؤدي إلى تطور العلوم الطبيعية وتسخير تطبيقاتها في ميادين الحضارة المادية المختلفة وهذا النقص في الفقه السياسي والإداري جعل المنجزات التي حققها جيل صلاح الدين تعتمد على صلاح الشخصيات أكثر من فاعلية المؤسسات فلما غابت الشخصيات القيادية عن مسرح الحياة برز تأثير العالم الثاني، أي أثر قيم العصبيات الأسرية والقبلية التي عادت لتوجَّه مؤسسات الحكم والإدارة بما فيها مدارس الإصلاح نفسها، وهذا التطور السلبي أفرز ظواهر سلبية منها: [1] هكذا ظهر جيل صلاح الدين ص 321.
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 906