اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 907
أ- حين لم يجد جيل الأبناء فقهاً سياسياً وإدارياً ينظم عملية تعيين الحاكم ومؤسسات الحكم والإدارة، ارتد إلى تقاليد العصبية الأسرية والقبلية وروابط الدم التي تعتبر الحكم وقيادة المؤسسات التربوية والعلمية ميراثاً يرثه الأبناء عن الآباء، الأمر الذي أدّى إلى تفكك الدولة وانقسامها حيث تقاسم الأبناء ما وحدّه جيل الآباء، وأداروه طبقاً لتقاليد العصبيات الأسرية التي سبقت جيل الإصلاح والتي كانت تعتبر أراضي الدولة ومدنها وسكانها إقطاعات يتصّرف بها الحكام ويتبادلونها بالبيع والشراء وصفقات الحرب والصلح.
ب- أدى النقص في الفقه السياسي الإداري إلى إنفجار الفتن بين الملوك وأمراء الجيش من ذلك ما حدث بين الملك الكامل وبين عماد الدين أحمد بن المشطوب الكردي الهكاري الذي يصفه ابن خلكان بأنه كان صلاح الدين قد أقطعه وهو شاب إقطاع نابلس إكراماً لوالده سيف الدين أبو الهيجاء المشطوب الهكاري الذي كان من كبار أمراء الجيش الصلاحي وقادته، فقد اتفق عماد الدين بن المشطوب مع الأكراد الهكارية على خلع الملك الكامل وتمليك أخيه الفايز، ولكن المحاولة لم تنجح ودب الاضطراب في معسكر الجيش الذي كان في مواجهة الصليبيين، وانسحب عماد الدين إلى قلعة تلغفر بين الموصل وسنجار وانتهى أمره بالقبض عليه واعتقاله في قلعة حران حيث بقي فيها حتى وفاته عام 610هـ [1]، والخلاصة أن الجدب في الفقة السياسي والإداري أفرز - بعد جيل صلاح الدين - قيادات وإدارات متسلطة فردية، عملت على أن تحكم الأمة بقيم: القوة فوق الشريعة، والفردية بدل العمل الجماعي، والتسلط بدل الشورى والإرتجال بدل التخطيط [2]. [1] هكذا ظهر جيل صلاح الدين ص 322. [2] المصدر نفسه ص 322.
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 907