اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 899
وهذه الهيمنة الدينية والسياسية لسلطة الكنيسة تضاءلت كثيراً في أوروبا بعد نهاية الحرب الصليبية وقد قال أحد الكتاب الغربيين عن ذلك: ... وعظم سلطان الكنيسة وعلت مكانتها إلى أبعد حد بسبب الحملة الصليبية الأولى ثم أخذت تضعف بالتدرج بسبب الحملات التي [1] تلتها وما من شك أنه كان للجهود الدعوية المختلفة التي بذلها المسلمون في هذه الفترة من سفارة ورسائل ورسل ومخالطة وكتابة ولقاءات وجهاد أثر كبير في ذلك [2] ومع مرور الوقت قلت هيبة الكنيسة ومكانتها في نفوس العامة وأدركت الشعوب الأوروبية كذب ما يدعيه البابا من أنه نائب عن الله في الأرض وأنه معصوم عن الخطأ، فقلت الثقة به وسائر رجال الدين النصارى ومن الشواهد على ذلك مثلاً: أنه عندما دعا بعض الرهبان في أوروبا إلى حملة صليبية جديدة سخر الناس منه وعِمد بعضهم إلى توزيع الصدقات على الفقراء باسم محمد صلى الله عليه وسلم على سبيل السخرية من هؤلاء الرهبان وذلك أن محمداً صلى الله عليه وسلم تفوق على المسيح في هذه الحروب [3]، بل أن بعض المثقفين والكتاب وحتى رجال الدين الذين بدأوا بنقد بعض معتقدات الكنيسة الخاصة بالتثليث والعشاء الرباني وصكوك الغفران وغيرهما اعتماداً على شيء من أقوال علماء المسلمين في ذلك [4]، كذلك ظهرت بعض الجماعات والفرق الدينية في أوروبا التي تنادي بمحاربة الفساد المستشري بالكنيسة، بل والدعوة إلى معاداة رجال الدين وانتقاد بعض الطقوس النصرانية، ومن ذلك مثلاً قيام أحد رجال الدين في جامعة أكسفورد في بريطانيا في هذه الفترة بحملة ضد بعض العقائد النصرانية حيث كان له أتباع ومؤيدون، وكان من أقواله: إنه ليس ثمة ما هو أشبه بالوثنية من القربان عند المذبح (5) [1] المصدر نفسه (2/ 782). [2] المصدر نفسه. [3] قصة الحضارة (4/ 67). [4] دعوة المسلمين للنصارى (2/ 783).
(5) قصة الحضارة (4/ 105) ..
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 899