اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 550
إن الشيخ الشاذلي في معركة المنصورة وهي من المعارك الكبرى التي خاضتها الأمة في الدفاع عن دينها وعقيدتها وأرضها وعرضها، كان حاضراً في ساحة الوغى، فقد أبت عليه همته إلا أن يحضر إلى المنصورة ليحرض الجند والسلطان على القتال حينما تملك الرعب قلوب الأهلين، بعدما استولى الفرنجة على ثغر دمياط ولقد كان لهذه الوقفة أثرها المحمود في إذكاء الروح الإسلامية لدى مريديه وعامة الناس، فقد كان لموقف أبي الحسن الشاذلي أثره العميق، وعاقبته الطيبة في نفوس الجند، ومن ثم ندرك أن أبا الحسن الشاذلي شخص فعال في دنيا الناس، لا كشأن الكثيرين من علمائنا في هذا الزمان على اختلاف ألوان طبيعتهم [1] فحضوره في معركة المنصورة من الفضائل الكبرى التي سجلت بماء الذهب في صفحات تاريخه، كما أنني أطلعت على تسبيح ومناجاة وثناء على الله عز وجل للشيخ الشاذلي قمة في التوحيد، وعمق في التضرع والإنكسار أمام الواحد الديان فقد قال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. ولقد شكا إليك يعقوب فخلصته من حزنه، ورددت عليه ما ذهب من بصره، وجمعتُ بينه وبين ولده، ولقد ناداك نوح من قبل فنجيته من كربه، ولقد ناداك أيوب من بعد فكشفت ما به من ضره، ولقد ناداك يونس فنجيته من غمه، ولقد ناداك زكريا فوهبت له ولدا من صُلْبه بعد يأس أهله وكبر سنه، ولقد علمت ما نزل بإبراهيم فأنقذته من نار عدوه، وأنجيت لوطاً وأهله من العذاب النازل بقومه، فهأنذا عبُدك: إن تعذبني بجميع ما علمت فأنا حقيق به، وإن ترحمني كما رحمتهم - مع عظيَم إجرامي - فأنت أولى بذلك، وأحق من أكرم به [2]. [1] سيدي أبو الحسن الشاذلي ص 69. [2] تسبيح ومناجاة وثناء على ملك الأرض والسماء للشيخ محمد بن حسن بن عقيل الشريف ص 136.
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 550