اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 24
ولما انفصل العساكر عن دمشق شرع الأفضل على عادته في اللهو واللعب، فاحتجب عن الرعية فسُمَّى "الملك النّوام" وفّوض الأمر إلى وزيره ضياء الدين الجَزّرِي وحاجبه الجمال محاسن بن العجميّ، فأفسد عليه الأحوال، وكانا سببا لزوال دولته وهذا الأمر من الآفات التي تصيب بعض الملوك، واستمر الملك العزيز هذا بمصر وأمره ينمو ويزداد إلى سنة تسعين [1] وفيها عاد الاختلاف ثانياً وسببه إغراء الجند والوسائط وكان أكبر المحرضين الأمير عز الدين أسامه - صاحب عجلون وكوكب - الذي فارق الأفضل وانضمّ للعزيز وهو من أجلاء الأمراء الصلاحية، فإنه لما رأى من الأحوال مالا يعجبه فارق الأفضل وتوجه إلى الملك العزيز، ففرح بوصوله إليه وأكرمه غاية الإكرام ولما استقر عز الدين أسامه عند الملك العزيز أخذ في تحريضه على الملك الأفضل، وتقوية عزمه على قصده وأخذ دمشق منه قال له: إن لم تَنصر الدولة الصلاحية خُذلت، وإن لم تصُنها ابتذلت، وأخوك (الملك الأفضل) قد غُلب على اختياره وحكم عليه وزيره الضياء الجزري، وقد أفسد أحوال الدولة، فهو يتصرف فيها برأية الفاسد، ويحمل أخاك على مقاطعتك ومباينتك، فإن أغفيت أُغفلت، وإن أمهلت أهملت، وإن لنت غلظوا، وإن نمت تيقظوا ولا تلتزم باليمين فإن من شرطها صفو الوداد وصحة النيَّة، ولم يوجد ذلك، فحنثهم في أيمانهم قد تحقق وبَرِئت أنت من العهدة، فاقصد البلاد فإنها في يدك قبل أن يحصل للدولة من الفساد مالا يمكن تلافيه [2]، ثم فارق الملك الأفضل الأمير شمس الدين ابن السلار وهو من أكابر الدولة الصلاحية. [1] النجوم الزاهرة (6/ 122). [2] مفرج الكروب (3/ 39).
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 24