اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 144
6 - السياسة الخارجية للبابوية والحملات الصليبية:
إن سقوط القسطنطينية على مثل هذه الصورة كان بمثابة كارثة على فكرة، الحملات الصليبية، وكأن الحركة تنتحر، فمن قبل كان الإعلان عن ميلادها موجهاً لحرب "الكفار" وقصد بهم البابا حينذاك المسلمين، أما الآن؛ فإن نطاق "الكفار" امتد ليشمل المخالفين لكنيسة روما في المعتقدات الدينية، ويلاحظ هنا أن أنوسنت الثالث شهد عهده تطور الصليبيات بصورة ملفته للانتباه، فقد شن حملة صليبية ضد العناصر التي رأتها البابوية مهرطقة في جنوب فرنسا، في صورة الوالدنسيين اتباع بيتر والدو والكثاربين (الأطهار)، أما الآن، فإن الحملة الصليبية اتجهت إلى الإمبراطورية البيزنطية، ودل ذلك بجلاء، على أن الحركة الصليبية ليست ضد المسلمين فقط بل ضد كل من يناصب البابوية العداء، وكل من يرفض الخضوع لسلطان كنيسة روما سيدة الكنائس، وصاحبة السيادة العالمية على عالم المسيحية، على نحو يؤكد بالفعل أن الحملات الصليبية هي السياسية الخارجية للبابوية [1].
إننا لأول مرّة منذ أعلان مشروع أوربان الثاني 1095م/489هـ، نجد أن الحركة الصليبية تتجه إلى تلك الوجهة وتسقط عاصمة أكبر إمبراطورية مسيحية في المنطقة على مدى المرحلة الواقعة من القرن العاشر الميلادي/الرابع الهجري إلى القرن الثالث عشر الميلادي/ السابع الهجري وطوال هذه القرون لم تسقط بيزنطة على أيدي الفرس والروس، والنورمان، والمسلمين وغيرهم، إلا أن سقوطها كان على يد قوة مسيحية ممثلة في الغرب الأوروبي، ولذلك لا عجب والأمر كذلك أن تعتبر عام 1204م/602هـ عاماً فارقاً في تاريخ الحملات الصليبية [2]. [1] المصدر نفسه ص 269. [2] الحروب الصليبية بين الشرق والغرب ص 269.
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 144