السيبل، فقال شريح[1] القاضي: وأهل الكوفة[2] لا يصح ذلك الوقف حكاه عنهم الإمام أحمد.
وقال جمهور أهل العلم: هذا وقف صحيح واحتجوا بحجج صحيحة صريحة ترد قول أهل الكوفة، فهذه الحجج التي ذكرها أهل العلم يحتجون بها على علماء أهل الكوفة مثل قوله (صدقة جارية) [3]، ومثل وقف عمر أوقاف أهل المقدرة من الصحابة على جهات البر التي أمر الله بها ورسوله ليس فيها تغيير لحدود الله.
وأما مسألتنا فهي إذا أراد الإنسان أن يقسم ماله على هواه، وفرَّ من قسمة الله وتمرد عن دين الله مثل:
أن يريد أن امرأته لا ترث من هذا النخل، ولا تأكل منه إلاَّ حياة عينها[4].
أو يريد أن يزيد بعض أولاده على بعض فراراً من وصية الله بالعدل.
أو يريد أن يحرم نسل البنات.
أو يريد أن يحرّم على ورثته بيع هذا العقار لئلا يفتقروا بعده، ويفتي له بعض المفتين أنَّ هذه البدعة الملعونة صدقة برّ تُقرب إلى الله، ويوقف على هذا الوجه قاصداً وجه الله، فهذه مسألتنا فتأمل هذا بشراشر[5] قلبك، ثم تأمل ما [1] هو: شريح بن الحارث القاضي أبو أمية الكندي، وليَ الكوفة لعمر وبعده، سمع عمر وعلياً، وقيل: إنَّه تعلم من معاذ باليمن، توفي سنة (78 هـ) وقيل سنة ثمانين. (الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب السنة 1/483 ت:2265) . [2] لعل الصواب أن يقول: وأهل الكوفة قالوا: لا يصح ... إلخ. [3] جزء من حديث أبي هريرة المتقدم ص (356) . [4] المراد بحياة عينها: مدة حياتها، والله أعلم.. [5] الشراشر: النفس والمحبة ... وألقى عليه شراشره أن يحبه حتى يستهلك في حبه ... وينهمك في الاستكثار منه ... والشراشر الأثقال (لسان العرب 4/2233 مادة: [شرشر] باختصار) والمقصود: تأمل هذا الكلام بثقل قلبك ومن أعماقه، والله أعلم.