وهنا تبرز المفاضلة الإيمانية وترتفي بمن يحقق الموالاة والمعاداة لله وحده دون سواه حتى تصل به إلى القمة.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: "أي عرى الإيمان- اظنه قال: أوثق-؟ " قال: الله ورسوله أعلم, قال صلى الله عليه وسلم: " الموالاة في الله والمعاداة في الله, والحب في الله والبغض في الله" 1, والباعث الحقيقي لتلك الموالاة والمعاداة محبة الله عز وجل, فمتى وجدت محبته في القلب تحمل المؤمن حينئذ وتقبل تكاليف هذه المحبة ولوازم عبادته لله تعالى2.
وإذا أشرب القلب بالإيمان وتحقق بالتوحيد, ولم يبق فيه محبة لغير الله عز وجل ومحبة ما لا يحبه الله ولا كراهية لغير ما يكرهه الله3.
أما من يوالي أعداء الله أو يعادي أولياءه فقد توعده الله بالوعيد الشديد.
قال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ, وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} 4.
ففي الآية الكريمة دلالة على أن من اتخذ من دون الله ورسوله أولياء, ويوالي لهم ويعادي لهم, ويرضى لهم, ويغضب لهم, فإن أعماله كلها باطلة يراها يوم
1- أخرجه الطبراني في المعجم الكبير, مسند عكرمة عن ابن عباس 12/215 ح: 11537, وأخرجه الطيالسي: مسند أبي داود الطيالسي ص 50-ح: 378- ن دار المعرفة – بيروت- لبنان.
والحديث حسنة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/306 ح:1728, وصحيح الجامع الصغير وزيادته 2/343 ح: 2536.
2- انظر الولاء والبراء في الإسلام: محمد بن سعيد القحطاني ص 108-ن دار طيبة- الرياض- ط/1.
3- انظر جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم 2/376.
4- سورة البقرة الآيتان 166-167.