الله تعالى في المناصحة وبذل الجد في الدعوة, والخلق رموا النبال نحوه فصبر متأسيا بسلفه الصالح فكان له بهم أسوة ما كانوا عليه يحزنون: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ, إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ, وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} 1 2ا. هـ.
إلا أن صبره لم يكن إطلاقاً يعني السلبية أو الانهزامية بل كان الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يناضل عن الحق الذي يعتقده ويدين الله به بكل ثبات ويقين, فأرسل إلى علماء المسلمين بعض الرسائل يفسر فيها عن الحق والحقيقة لما لبسهما بعض الجهال وأدعياء العلم- الذين ذكر بعضهم ابن غنام رحمه الله في كلامه السابق- على العوام بسبب هدمه للقباب ومما كتبه محتسبا في ذلك- غفر الله- له رسالته التي قال فيها: "من محمد بن عبد الوهاب إلى العلماء الأعلام في بلد الله الحرام نصر الله بهم سيد الانام وتابعي الأئمة الأعلام.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: جرا علينا من الفتنة ما بلغكم وبلغ غيركم وسببه هدم بنيان في أرضنا على قبور الصالحين, فلما كبر هذا على العامة لظنهم أنه تنقيص للصالحين ومع هذا نهيناهم عن دعواهم وأمرناهم بإخلاص الدعاء لله, فلما أظهرنا هذه المسألة مع ما ذكرنا من هدم البنيان على القبور كبر على العامة جدا, وعاضدهم بعض من يدعي العلم لأسباب أخر, التي لا تخفى على مثلكم أعظمها اتباع هوى العوام من أسباب أخر فأشاعوا عنا أنا نسب الصالحين وأنا على غير جادة العلماء, ورفعوا الأمر إلى المشرق والمغرب, وذكروا عنا
1-سورة الصفات الآيات 171-173.
2-تاريخ نجد المسمى روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام 1/31.