والسلام, وأنه مغير لمنار السنة والأحكام وليس له منها تمسك والتزام ولا بالدين أخذ واعتصام, فليس له ولا لأصحابه عهد ولا ذمام, ولم يكن له قصد ولا مرام إلا تنفير الخواص والعوام, ملأ قلوب الجهال والطغام بما يبديه لهم من ذلك الكلام فيقوموا بالمشاققة على الحكام والولاة ويكونون عليهم عتاة وبما يأمرونهم به في جميع الأحوال عصاة, فهذا غايته ومناه ومنتهى مراده وأقصاه يخوفونهم بهذه الأقاويل ويجلبون لهم أنواع الأباطيل ويحذرونهم منه أنه إن تمكن أمره في البلاد أزال جميع المنكرات والفساد وقطع جميع ما كان من المظالم معتاد, فكانوا بهذا الكلام لهم يغرون وعن طريقه يحذرون وينفرون, وهو رحمه الله صابر على ما يقولون محتسب الأجر فيما إليه ينسبون متسل بما كابده وقاساه قبله الموحدون وما لقيه من الابتلاء المؤمنون وما سعى به لهم الضلال والمشركون: {ألم, أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [1] وهذه سنة الله تعالى في عبادة جارية في جميع الأزمان على مراده, يختبر بها أحبابه المؤمنين ويمتحن بها أحزابه المفلحين: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [2] فيرفع جل وعلا قدر الصابرين ويعلى مرتبة الصادقين ويخفض منزلة المنافقين, ويفضح بإرادته الفاسقين والكاذبين ويحق عليهم كلمة العذاب أجمعين: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [3] فمضى رحمه
1-سورة العنكبوت الآيتان [1]-[2].
2-سورة العنكبوت آية 3.
3-سورة العنكبوت آية 4.
ونصرها ملك بها البلاد والعباد، وهى كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم) [1].
وذلك مصداقاً لقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [2]. [1] عنوان المجد في تاريخ نجد 1/11- 12، وانظر تذكرة أولي النهى والعرفان 1/30- 31. [2] سورة النور آية 55.