ولنطرح أمامك جوابًا ثانيًا للإمام - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - في مسألة مهمة تخص أصلاً من الأصول العامة لقانون العلائق بين الأمم، وهي مسألة الاعتراف بالقضاة المتولين من قبل أمير غير مسلم والعمل بأحكامهم وتنفيذها في بلاد الإسلام.
وهذا السؤال ورد على الإمام - وهو بالمهدية - من جماعة من المسلمين المقيمين تحت ذمة النصارى بصقلية بعد انجلاء حكم الإسلام من تلك الجزيرة، ونصه:
وسئل الإمام المازري عن أحكام قاضي صقلية وشهادة عدولها، ولا يدري إقامة المسلمين هنالك تحت أهل الكفر اختيارية أو ضرورية؟
فكان جوابه - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: «القَادِحُ فِي هَذَا مِنْ نَاحِيَةِ العَدَالَةِ حَيْثُ أَقَامَ بِبَلَدِ الحَرْبِ فِي قِيَادَةِ أَهْلِ الكُفْرِ وَذَلِكَ لاَ يُبَاحُ، وَالثَّانِي مِنْ نَاحِيَةِ الوِلاَيَةِ إِذْ هُوَ مَوْلَى مِنْ قِبَلِ أَهْلِ الكُفْرِ. فَالأَوَّلُ لَهُ قَاعِدَةٌ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا شَرْعًا،