قرى الساحل، أقام في فترة صغيرة بالمهدية في صحبة ابن الحداد وروى عنه ما يحمل من علوم الشريعة، وانتفع به كثيرًا، ثم تحول إلى سكنى مدينة تونس بعد استيلاء الأمراء الموحدين عليها، واتصل بأعيان الدولة، ولا سيما الشيخ أبو محمد عبد الواحد بن أبي حفص ممهد المملكة الحفصية، وتولى القضاء والإفتاء في مدة ولايته، وتصدى مع ذلك لنشر التعاليم الدينية بين شباب الطلاب التونسيين، إذ لم يكن في عصره من هو قائم بها مثله، وكانت العاصمة الجديدة - مدينة تونس - في أشد الحاجة إلى معلمين مرشدين لخلو البلاد من حملة العلم بعد خراب القيروان واستيلاء نصارى النُّرْمَانِ على ساحل البلاد، فظهر البرجيني كالعلم المفرد في الاستمساك بالرواية الفقهية والسند العلمي المأثور من لدن الفتح في طبقة بعد طبقة.
وقد وهم المؤرخون وأصحاب الطبقات الذين تحدثوا عن ذلك العصر، إذ جعلوا البرجيني من تلاميذ المازري، وأنه روى عنه أصالة، على حين أن المازري مات سنة 536 هـ والبرجيني ولد بعد ذلك، وَعَمَّرَ حتى مات سنة 630 هـ، فلا