كالسيل الجارف لاَ يُبْقِي وَلاَ يَذَرُ، ولا بلغوا تخوم إفريقية تصدى لهم المعز يحاول صدهم عن البلاد، فانصبوا عليه وعلى عساكره، وألحقوا بهم هزيمة كانت القضاء المبرم على حضارة إفريقية العربية، واضطر المعز أن يلتجىء إلى حصن المهدية. فملك الأعراب القيروان دونه، ورحل منها أمامهم ساكنوها متفرقين أيدي سبأ، ولم يبق بها إلا قلة مستضعفة استكانت لغلبة المهاجمين، وانقادت لسلطانهم سنة 449هـ.
وهكذا تقلص ظلال العلم من رحاب القيروان، وفارقها العلماء إلى خارج البلاد، وإلى بعض مدائن الساحل التونسي، إلا ما يذكر عن أحد الحفاظ، آثر المقام بالقيروان بعد خرابها المشؤوم، ذلك هو الإمام بقية السلف الصالح، وخاتمة الأيمة النظار:
عبد الخالق التميمي المعروف بالسيوري، فإنه لم يغادر العاصمة، وبقي بها إلى آخر أيامه، وكان من وجوه أصحاب أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران القابسي، ومن في طبقتهما، وانتفع به خلق كثير، لانفراده برواية الحديث والفقه، ومن