الشيعة في العقيدة، وفي السياسة، ماضيًا في حركة الاستقلال بالبلاد، حتى جاهر بلعن بني عبيد على المنابر، وأنكر سيادتهم، وجحد ولاءهم وقاطعهم وكانت باكورة أعماله أن حمل الأهليين على الاستمساك بمذهب مالك دون سواه، ولم يكن قد صنع ذلك وحده، بل سبقه إليه بزمان طويل ملوك بني أمية بالأندلس، فانتهجوا هذا المسلك في حمل الأمة على إيثار مذهب مالك، وما كان المعز بن باديس ليخشى غائلة الفاطميين، وبينهم وبين المغرب مفازة من الإسكندرية إلى قابس يتعذر اقتحامها على جيوش دولة دَبَّ فِيهَا الوَهَنُ وَالإِخْلاَلُ، فأقبل المعز على أمره يحرر من سلطان العبيديين، ويقطع الأسباب بينه وبين المشرق الشيعي.
وبلغ المعز في ذلك مناه، مستجيبًا لرغبة شعبه، فتمتعت البلاد بالاستقلال نحو عشرين سنة، ولكن دهاة رجال الفاطميين دبروا المكر بالمعز وبقومه الأفارقة، ورموهم بجنود من أعراب بني هلال وبني سليم كانوا يقيمون على الشاطئ الشرقي للنيل، فأباحوا لهم أن يجوزوا المغرب، فانحدروا