وعلي بن القاسم راجع " مدونة " شيخه أسد بن الفرات وقد ظهر لابن القاسم العدول عن بعض آرائه الأولى واتخاذ آراء غيرها، وعاد سحنون إلى بلاده، وأراد أن يحمل أَسَدًا على إصلاح " الأسدية " على ما تلقاه من ابن القاسم، فلم يوافقه أسد.
واستمر سحنون بما أوتي من براعة ومقدرة يبث فقه أهل المدينة خاصة - مالك وأصحابه - ولا سيما بعد استشهاد أسد بن الفرات في صقلية، وَلِذَا عُدَّ سحنون أول من أظهر الفقه المدني ورجحه، وأرسخ كلمته في إفريقية والمغرب، وقد امتاز سحنون بخصال نادرة، منها: جمعه بين الاستقامة التامة والدين، ورجحان العقل والعفة، مع استقلال الفكر وقوة الشكيمة؛ وتوارد عليه عدد لا يحصى من المتعلمين من أنحاء المغرب، ولا سيما الأندلس، وصارت حلقة تدريسه أكبر حلقة عرفت لأستاذ، قيل إنه كان يجلس فيها أربعمائة طالب علم؛ ولما ناله سحنون من الشهرة والصيت البعيد أولاه الأمير الأغلبي قضاء إفريقية سنة 234هـ فأظهر مقدرة منقطعة النظير في تنظيم مهمة القضاء، بل إنه وضع الكثير من أصول المؤسسات الشرعية في