اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس الجزء : 1 صفحة : 725
والدرهم، لا يذكره ولا أظنه يدور في ذهنه، وفيه مروءة، وقيام مع أصحابه، وسعي في مصالحهم. وهو فقير لا مال له. وملبوسه كآحاد الفقهاء، ولم يَنْحَنِ لأحد قط، وإنما يسلم ويصافح ويبتسم.
وأما محنه فكثيرة، وشرحها يطول جدًّا، منها: أَنَّه امتحن في سنة 705 بالسؤال عن معتقده - بأمر السلطان - فجمع نائبه القضاة والعلماء بالقصر، وأَحضر من داره «العقيدة الواسطية» فقرأوها في ثلاثة مجالس، وحاققوه وبحثوا معه؛ ووقع الاتفاق بعد ذلك على أَنَّ هذه عقيدة سنية سلفية، فمنهم من قال ذلك طوعًا ومنهم من قاله كرهًا، وورد بعد ذلك كتاب من السلطان فيه: إِنَّما قصدنا براءة ساحة الشَّيخ، وتبين لنا أَنَّه على عقيدة السلف.
وفي آخر الأمر: دبروا عليه الحيلة في مسألة المنع من السفر إِلى قبور الأنبياء والصالحين، وألزموه من ذلك بالتنقص بالأنبياء وذلك كفر، وأفتى بذلك طائفة من أهل الأهواء - وهم ثمانية عشر نفسًا - رأسهم القاضي الأخنائي المالكي، وحبس بقلعة دمشق سنتين وأشهرًا وبها مات - رحمه الله تعالى -. ووافقه جماعة من علماء بغداد، وكذلك ابنا أَبي الوليد - شيخ المالكية بدمشق - أفتيا: أّنَّه لا وجه للاعتراض عليه فيما قاله أصلاً، وأَنَّه نقل خلاف العلماء في المسألة، ورجح أحد القولين.
قال الحافظ ابن القيم: سمعت «ابن تَيْمِيَّة» - قدس الله روحه، ونور ضريحه - يقول في الحبس: «إنَّ في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة»، قال وقال لي مرة: ما يصنع أعدائي بي؟ أَنا جنتي في قلبي، وبستاني في صدري، أيم رحت فهي معي لا تفارقني، أَنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة.
اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس الجزء : 1 صفحة : 725