اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس الجزء : 1 صفحة : 412
خمسمائة، وبيع الجمل بألف، والحمار بخمسمائة. وبيعت الأمتعة والثياب والغلات بأرخص الأثمان. وجلس الشَّيخ تقيّ الدين ابن تَيْمِيَّة في ثاني صفر بمجلسه في الجامع وحرّض الناس على القتال. وشاق لهم الآيات والأحاديث الواردة في ذلك. ونهى عن الإسراع في الفرار، ورغّب في إنفاق الأموال في الذّب عن المسلمين وبلادهم وأموالهم، وأنّ ما يُنفق في أجرة الهَرَب، إِذا أُنفِقَ في سبيل الله كَانَ خيرًا. وأوجب جهاد التتر حتمًا في هذه الكرّة. وتابع المجالس على ذلك. ونودي في البلدان: لا يُسافر أحد إلاّ بمرسوم وورقة. فتوقف الناسُ عن السير، وسكن جأشهم.
واستهل جمادى الأولى والناس على خُطةٍ صعبةٍ من الخوف، وتأخُّر السلطانِ واقتراب العدوِّ، وشدةِ الأمرِ والحالِ، وخرج الشَّيخ تقيّ الدين بن تَيْمِيَّة رحمه الله تعالى في مستهلّ هذا الشهر - وكان يوم السبت - إِلى نائب الشَّام وعساكره بالمرج. فثبَّتهم، وقوّى جأشهم، وطيّب قلوبهم، ووعدهم النصر والظفر على الأعداء. وتلا قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60)}، وبات عند العسكر ليلة الأحد، ثمَّ عاد إِلى دمشق وقد سأله النائب والأمراء أَنْ يركب على البريد إِلى مصر يستحثُّ السلطان على المجيء.
فساق وراء السلطان. وكان السلطان قد وصل إِلى الساحل، فلم يدركه إِلا وقد رجع إلى القاهرة وتفارط الحال. لكنه استحثهم على تجهيز العساكر إِلى الشَّام إِنْ كَانَ لهم به حاجة. وقال لهم فيما قال: «إِنْ كنتم أعرضتم عن الشَّام وحمايته، أقمنا له سلطانًا يحوطه ويحميه ويستغله في زمن الأمن».
ولم يزل بهم حتَّى جُرِّدَت العساكر إِلى الشَّام.
اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس الجزء : 1 صفحة : 412