responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس    الجزء : 1  صفحة : 243
وأَظل أَحزن حزنًا لا يعلم كنهه إِلا الله، حتّى قاسيت من مكابدة هذه الأُمور شيئًا عظيمًا لا أستطيع شرح أَيسره، وكنت ألتجئ إِلى الله سبحانه وتعالى وأتضرّع إليه، وأَهرب إلى ظواهر النصوص، وألقى المعقولات المتباينة، والتأويلات المصنوعة فتنبو الفطرة عن قبولها، ثم قد تشبثت فطرتي بالحق الصَّريح في أمهات المسائل، غير متجاسرة على التصريح بالمجاهرة قولاً وتصميمًا للعقد عليه، حيث لا أراه مأثورًا عن الأئمة وقدماء السَّلف، إلى أن قدَّر الله سبحانه، وقوع مصنّف [1] الشيخ الإِمام - إمام الدنيا رحمه الله - في يدي، قبيل واقعته الأَخيرة بقليل، فوجدت فيه ما بهرني من موافقة فطرتي لما فيه، وعزو الحقّ إلى أئمة السنة وسلف الأُمة، مع مطابقة المعقول والمنقول! فبهت لذلك سرورًا بالحقّ، وفرحًا بوجود الضَّالّة التي ليس لفقدها عوض، فصارت محبة هذا الرجل - رحمه الله - محبة ضروريّة، تقصر عن شرح أَقلّها العبارات ولو أَطنبت، ولما عزمت على المجاهرة إِلى لقيه، وصلني خبر اعتقاله، وأصابني لذلك المقيم المقعِد.
ولما حججت سنة ثمان وعشرين وسبعمائة صممت العزم على السفر إِلى دمشق لأتوصل إلى ملاقاته، ببذل مهما أَمكن من النفس والمال للتفريج عنه، فوافاني خبر وفاته - رحمه الله تعالى - مع الرجوع إلى العراقِ، قبيل وصولي الكوفة، وجدت عليه مالا يجده الأخ على شقيقه - استغفر الله - بل ولا الوالد الثّاكِل على ولده، وما دخل في قلبي من الحزن لموت أَحدٍ من الولد والأقارب والإِخوان كما وجدته عليه - رحمه الله تعالى - ولا تخيلته قط في نفسي ولا تمثلته في قلبي؛

[1] لعلَّه يقصد "درء تعارض العقل والنقل".
اسم الکتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون المؤلف : محمد عزير شمس    الجزء : 1  صفحة : 243
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست