اسم الکتاب : اللواء الركن محمود شيت خطاب المؤلف : عبد الله محمود الطنطاوي الجزء : 1 صفحة : 104
سلسلة من الاتفاقات مع البندقية، والمجر، والبوسنة، وغيرها من الدول والإمارات، وشرع في بناء قلعة منيعة على الشاطئ الأوروبي من البسفور، عند مضيق موضع من القناة، وأحكَمَ - بذلك - إغلاق هذا الممرّ المائيّ، ومنع وصول أيِّ إمدادات قد تأتي من اتجاه البحر الأسود، كما نصب المجانيق والمدافع الضخمة على الشاطئ، لتحرق أيَّ قادم إلى القناة، وأحكم الحصار على القسطنطينية التي حشد لها الفاتح الحشود الضخمة من الجيش العثماني النظامي، ومن المجاهدين المتطوّعين الذين جاؤوا من آسية وأوروبة ليشاركوا في هذا الفتح العظيم، وقد بلغ عدد الجميع حوالي مئة وخمسين ألف مقاتل، بينما كان عدد الروم المدافعين عن المدينة خمسين ألف مقاتل.
وقام السلطان الفاتح ببناء السفن الحربيّة، وتصنيع المدافع الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، ومنها المدفع العملاق الذي أطلقوا عليه اسم سلطان المدافع أو المدفع السلطاني، وسعى السلطان إلى شحن الروح المعنوية وبث روح الجهاد والاستشهاد في جنوده، ثم كان الزَّحف، وكانت المعارك الهائلة في البحر والبرّ وعلى الأسوار، وكانت كلُّها ضمن خُطّة مُحْكَمَة تضمن له النجاح، وكان فتح القسطنطينية مَلْحَمَةً من الملاحم الخالدة، وحُقَّ له أن يُسَمَّى فَتْحَ الفُتُوح، ودخل الفاتح المدينة على صهوة جواده، ثم تَرَجَّلَ عن فرسه، واستقبل القِبْلة، وسجد على الأرض، وحَثَا التُّراب على رأسه، شكراً لله على ما منحه من النصر، ثم توجَّهَ نحو كنيسة آيا صوفيا، ولمّا اقترب منها، تناهت إلى سمعه أصوات خافتة حزينة، هي أصوات النصارى الذين لجؤوا إليها، وغلَّقوا عليهم الأبواب، وشرعوا يصلّون ويدعون .. وعندما علم الراهب بمقدم السلطان، فتح له أحد أبواب الكنيسة، وخاف مَنْ فيها من قدوم السلطان، ولكن السلطان الفاتح الإنسان الرحيم طمأنهم، وطلب من الراهب أن يستمروا في صلواتهم،
اسم الکتاب : اللواء الركن محمود شيت خطاب المؤلف : عبد الله محمود الطنطاوي الجزء : 1 صفحة : 104