responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة    الجزء : 1  صفحة : 373
وفتاوى تناول فيها مجتمعه بالنقد والعلاج وترك بها أثرا واضحا في حياة المجتمع، وقد جرت عليه مكانته العلمية والاجتماعية خصومات عنيفة لمست أثرها في كثير من كتاباته، وقد ألقيت الضوء عليها لما لها من صلة بتحديد شخصيته وخلقه، ثم تناولت بالدراسة شخصه وخلقه وأمانته العلمية، وكان ذلك مقدمة لما قصدت إليه من دراسة منهجه في التفكير وأصول هذا المنهج، وقد تبين لي أن الرجل بالرغم من تعدد جوانبه العلمية فان بعض العلوم قد طبعت عقليته ووجهتها، وأولها علوم الحديث التي استنفذت جلّ اهتمامه، وترك فيها أكبر قدر من آثاره، وعايشها أطول مدة من حياته حيث مكث بالشيخونية مدرسا للحديث مدة طويلة، وقد كان لعلوم الحديث أثرها في غلبة المنهج النقلي على طريقته في التأليف والبحث في معظم ميادين المعرفة فهو حريص على ذكر من ينقل عنه وعلى ذكر أسماء المصادر التي يستمد منها نقوله مع تحرج شديد وأمانة بالغة يدركها من يتتبع هذه النقول، وهو في تلخيصه أيضا حريص على أن يلتزم ألفاظ المنقول عنهم إلى أكبر حد.
والجانب الثاني الذي أثر في السيوطي هو سلوكه مسلك التصوف علما وعملا، وقد عرف الصوفية بتساهل في قبول الرواية، وكأن منهجه كان يتنازعه مؤثران أحدهما ينظر إلى الرواية والنقول نظرة علمية جادة، والآخر يميل إلى قبولها والاستئناس بها وبذلك نستطيع تفسير جانب من النقول التي تساهل في قبولها.
والعلم الثالث الذي ترك أثرا في منهجه هو الفقه، الذي بلغ فيه درجة الاجتهاد المطلق، والفقه يطبع عقل صاحبه بالطابع العملي الذي يلمس الواقع ويحس به، ويحاول إدراك حاجات الناس في الحياة ويبحث لهم عن حكم الله تعالى فيما يستجد من أحداث، وعلى الفقيه أن يعمل عقله وفكره في النصوص والأدلة في محاولة استنباط الحكم والوقوف عليه، فهو كما قالوا: «معقول من منقول».
وقد تركت هذه العلوم أثرها في منهج السيوطي وطبعت عقليته بطابع يغلب عليه المنهج النقلي الذي يعنى أولا بالنقد الخارجي للنقول من حيث ثبوتها

اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة    الجزء : 1  صفحة : 373
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست