اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 244
كتاب «مراتب النحويين» بين فيه ذلك، وميز أهل الصدق من أهل الكذب والوضع، وسيمر بك في هذا الكتاب كثير من ذلك في نوع الموضوع ونوع معرفة الطبقات والثقات والضعفاء وغيرها من الأنواع» [1].
والواقع أن المعتذرين عن تقصير اللغويين في بحث أحوال الرواة بالنسبة لما فعله أهل الحديث قد أغفلوا أمرا هاما هو الفرق بين أسانيد الحديث وبين أسانيد اللغة، فأسانيد الحديث لا بد أن تصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ويلزم البحث عن رواتها ابتداء من التابعين فمن دونهم حتى يصل الخبر إلى طبقة جامعي الأحاديث ومدوّنيه، وهذه الأسانيد كثيرة ومختلفة ونقلتها متعددون وطبقاتهم كثيرة مما يجعل رجال الحديث من الكثرة بحيث يلزم النقدة ضبطهم ومعرفة أحوالهم، بينما الأمر في اللغة يختلف، إذ إن أسانيد روايتها أقصر، بل ربما تقتصر على راو واحد نقل عن الأعراب أو عن غيرهم من الفصحاء الذين يوثق بعربيتهم كالأصمعي وأبي زيد وغيره أو رواية راو عن الأصمعي، وبالجملة فإن سلسلة الاسناد قصيرة في الروايات اللغوية تجعل الرواة الذين ينبغي البحث عن أحوالهم عددا قليلا، وذلك لأن المادة اللغوية الموثوق بها كانت إلى عهد التدوين لا تزال قائمة حية بالبادية كما أن الاحتجاج بفصحاء الحاضرة قد استمر إلى وقت متأخر نسبيا وهو منتصف القرن الثاني حيث ظهر التدوين، وقد وضع الخليل- في ذلك الحين- أو شرع في وضع كتاب العين ليجمع فيه المادة اللغوية.
وعلى أية حال فقد اتجه السيوطي- دفاعا عن اللغويين- إلى استدراك ما فاتهم من البحث عن أحوال الرواة محاولا ضمّ ما تناثر من ملاحظات لهم في ذلك وجمع أخبارهم من كتب الطبقات وغيرها ووضع ذلك في أقسام تحمل نفس الأسماء التي بحث تحتها أهل الحديث رجالهم.
وأول هذه الأقسام التي تتناول الرواة الحديث عن آداب اللغوي وهو بحث لم يسبق السيوطي إليه في بيئة اللغويين، وقد ترسم فيه خطى المحدثين فهم [1] المزهر ج 1 ص 120.
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 244