اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 194
بالمتوكلي- رأيا فيما ذهب إليه أبو عبيد وابن عطية وغيرهما من الذين قالوا بتعريب هذه الألفاظ واستعمال العرب لها ثم استعمال القرآن لهذه الألفاظ بعد ذلك، وإن كان ما ذهبوا إليه لا يتنافى مع اختيار السيوطي لوقوع ألفاظ أعجمية في القرآن، وقد حاول نتيجة لطبيعة عقليته الحديثية النقلية أن يدعم رأيه ببعض الآثار والأحاديث فقال: «وأقوى ما رأيته للوقوع، وهو اختياري ما أخرجه ابن جرير بسند صحيح عن أبي ميسرة التابعي الجليل قال: في القرآن من كل لسان» [1].
وقد أورد بعض النقول غير هذا ثم أكد احتواء القرآن على ألفاظ من مختلف اللغات بقوله «فالنبي صلى الله عليه وسلم مرسل إلى كل أمة، وقد قال الله تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه، فلا بد وأن يكون في الكتاب المبعوث به من لسان كل قوم وإن كان أصله بلغة قومه هو» [2].
وعلى هذا الأساس وضع السيوطي كتابين أو رسالتين في هذا الموضوع غير تناوله له في كتابه الإتقان، وإذا عدنا إلى «المتوكلي» فإننا نستطيع أن نخرج بعد قراءته بالملاحظات التالية على منهجه:
أولا: من ناحية تنظيم الكتاب، رتب السيوطي الألفاظ المنسوبة إلى كل لغة من اللغات على انفراد، فبدأ بذكر الألفاظ التي جاءت بلغة الحبشة، ثم ما جاء بالفارسية فالرومية، فالهندية، فالسريانية، فالعبرانية، فالنبطية، فالقبطية، فالتركية، فالزنجية، فالبربرية، فكأن بالقرآن ألفاظا من إحدى عشرة لغة، وهي اللغات التي كانت معروفة وقت نزوله.
ثانيا: جميع ما أورده من الألفاظ حوالي 91 لفظا موزعة بين اللغات التي [1] الإتقان ج 1 ص 137. [2] المصدر السابق ج 1 ص 137، وحجّة السيوطي واهية في نظرنا فليس وجود ألفاظ من لغة ما أو لفظة واحدة في العربية يعني أن الناطق للعربية ينطق بهذه اللغات جميعا، ومن البديهيّ أن المخاطبين بالقرآن الكريم من غير العرب لا يمكن لهم فهمه إلا بتعلم اللسان العربي، وليست اللغة مجرد ألفاظ إنما هي نظام له خصائص صرفية وصوتية وتركيبية ودلالية بالإضافة إلى ذلك.
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 194