اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 137
وظهرت حجتهم من بعد أسوة حسنة [1].
وانتصر للسيوطي من بعده الشوكاني في ترجمته له وفند جميع ما وجهه إليه السخاوي ورد عليه ردا بليغا، وتعقب اتهاماته بالدفاع القوي، ومن بين ما ذكره دفاعا عن الاتهام باختلاس الكتب أن ذلك «ما زال دأب المصنفين، يأتي الآخر فيأخذ من كتب من قبله فيختصر أو يوضح أو يعترض أو نحو ذلك من الأغراض- التي هي الباعثة على التصنيف، ومن ذاك الذي يعمد إلى فن قد صنف فيه من قبله فلا يأخذ من كلامه؟» [2]، فليس السيوطي بدعا من المؤلفين، وإذا كان ذلك شأن عصره ومنهجه فلا يصح أن نوجه التهمة إليه وحده، وقد بين الشوكاني أن السخاوي «وإن كان إماما غير مدفوع لكنه كثير التحامل على أكابر أقرانه كما يعرف ذلك من طالع كتابه الضوء اللامع فانه لا يقيم لهم وزنا بل لا يسلم غالبهم من الحط منه عليه، وإنما يعظم شيوخه وتلامذته ومن لم يعرفه ممن مات في أول القرن التاسع قبل مولده، أو من كان من غير مصره أو من يرجو خيره أو يخاف شره» [3]، وهذه الأوصاف التي تقدح في الكتاب كفيلة أن تجعلنا على حذر مما يورده السخاوي من تراجم، ومهما أحسنا ظننا به بعد ذلك فسنأخذ تراجم أقرانه بالحذر، وقد انتهى الشوكاني إلى أن ما بلغه السيوطي من المكانة العلمية وما ادعاه من الاجتهاد كان سببا في هذه الخصومات، وبين أنه بذلك قد تعرض لما تعرض له أئمة العلماء ممن بلغوا المرتبة العالية، فما زال «ذا دأب الناس مع من بلغ إلى تلك الرتبة، ولكن قد عرفناك في ترجمة ابن تيمية أنها جرت عادة الله سبحانه كما يدل عليه الاستقراء برفع شأن من عودي بسبب علمه وتصريحه بالحق، وانتشار محاسنه بعد موته، وارتفاع ذكره، وانتفاع الناس بعلمه، وهكذا كان أمر
صاحب الترجمة فإن مؤلفاته انتشرت في الأقطار، وسارت بها الركبان إلى الأنجاد والأغوار، ورفع الله له من الذكر الحسن والثناء الجميل ما لم يكن لأحد من معاصريه، والعاقبة [1] تعريف الفئة بأجوبة الأسئلة المائة، الحاوي ج 1 ص 509، 510. [2] الشوكاني: البدر الطالع ج 1 ص 333. [3] المصدر السابق ج 1 ص 333، 334.
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 137