اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 136
قول إنه لم يدع الاجتهاد المطلق وإنما ادعى الاجتهاد المنتسب وأن كثيرا من أتباع المذاهب بلغوا درجة الاجتهاد المطلق ومع ذلك لم يخرجوا عن مذاهبهم، وذكر السيوطي أن في أصحاب الشافعي على مر الزمن منهم المزني وابن سريج والقفال وابن خزيمة وابن الصباغ وإمام الحرمين وابن عبد السلام وتلميذه ابن دقيق العيد والتقي السبكي وولده عبد الوهاب كذلك في أصحاب مالك ابن وهب وأضرابه، وفي أصحاب أبي حنيفة أبو يوسف ومحمد، وقد بلغ هؤلاء مرتبة الاجتهاد المطلق ومع ذلك فلم يخرجوا عن تبعيتهم لأئمتهم [1].
وقد ختم السيوطي كتابه بما يؤكد فكرته السابقة ومجمل ما يريد قوله أنه قد بلغ درجة الاجتهاد المطلق ومع ذلك فهو لم يخرج عن مذهب الشافعي وأنه بذلك يسمى مجتهدا مطلقا منتسبا، وقد كرر السيوطي في مواضع متفرقة من فتاواه وكتاباته هذه الفكرة نظرا لما تعرض له من هجوم ولما اتهم به في زحمة الصراع بينه وبين خصومه، فكأنه أراد أن يؤكد تبرئة نفسه مما ادعوه عليه ولكن مع التمسك بالحديث عما أنعم الله به عليه من عقل وعلم وما بلغه من درجة.
ويفتي السيوطي عام 898 هـ إحدى الفتاوى ويرى أن أحدا من أهل عصره لا يمكنه أن يتصدى لما يضطلع به، فيرفع عقيرته قائلا: «جولوا في الناس جولة فإنه ثمّ من ينفخ أشداقه ويدعي مناظرتي وينكر علي دعواي الاجتهاد والتفرد بالعلم على رأس هذه المائة، ويزعم أنه يعارضني، ويستجيش عليّ من لو اجتمع هو وهم في صعيد واحد ونفخت عليهم نفخة صاروا هباء منثورا» [2].
ومهما يكن من أمر الخصومة بين السيوطي وأنصاره وبين السخاوي وأنصاره فإن المعاصرة كما سبق القول حجاب بين المتعاصرين، كما أن الاتهامات التي تبادلها الفريقان لم تخل من مبالغات كثيرة يمكن بسهولة أن نتعرف عليها، هذا فضلا عن أن كثيرا مما وجه إلى السيوطي أثبتت الأيام بطلانه ولعله قد استلهم ذلك حين ذكر أن له بعلماء السلف الصالح الذين تعرضوا للأذى في أزمانهم [1] الشعراني: ذيل الطبقات الكبرى الورقة الأولى والثانية ص 2 - 4. [2] الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف: رسالة له ضمن كتاب الحاوي ج 2 ص 167.
اسم الکتاب : جلال الدين السيوطي عصره وحياته وآثاره وجهوده في الدرس اللغوي المؤلف : طاهر سليمان حمودة الجزء : 1 صفحة : 136